التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
١٢٣
وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
١٢٤
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ
١٢٥
أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ
١٢٦
-التوبة

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } قد أُمر بقتال الكفار على العموم، وإنما يُبتدَأ بالأقرب فالأقرب. وفي المراد بمن يليهم خمسة أقوال.

أحدها: أنهم الروم، قاله ابن عمر. والثاني: قريظة، والنضير، وخيبر، وفدك، قاله ابن عباس. والثالث: الديلم، قاله الحسن. والرابع: العرب، قاله ابن زيد. والخامس: أنه عام في قتال الأقرب فالأقرب، قاله قتادة. وقال الزجاج: في هذه الآية دليل على أنه ينبغي أن يقاتل أهل كل ثغر الذين يلونهم. قال: وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما تخطَّى في حربه الذين يلونه من الأعداء ليكون ذلك أهْيَبَ له، فأُمر بقتال من يليه ليُستَنَّ بذلك. وفي الغلظة ثلاث لغات: غِلظة، بكسر الغين؛ وبها قرأ الأكثرون. وغَلظة، بفتح الغين، رواها جبلة عن عاصم. وغُلظة بضم الغين، رواها المفضل عن عاصم. ومثلها: جِذوة وجَذوة وجُذوة، ووِجنة ووَجنة ووُجنة، ورِغوة ورَغوة ورُغوة، ورِبوة ورَبوة ورُبوة، وقِسوة وقَسوة وقُسوة، وإِلوة وأَلوة وأُلوة، في اليمين. وشاة لِجْبة ولَجْبة ولُجْبة: قد ولىَّ لبنها. قال ابن عباس في قوله «غلظة». شجاعة وقال مجاهد: شدة.

قوله تعالى: { فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إِيماناً } هذا قول المنافقين بعضهم لبعض استهزاءً بقول الله تعالى. { فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً } لأنهم إذا صدَّقوا بها وعملوا بما فيها. زادتهم إيماناً. { وهم يستبشرون } أي: يفرحون بنزولها. { وأما الذين في قلوبهم مرض } أي: شك ونفاق.

وفي المراد بالرجس ثلاثة أقوال.

أحدها: الشك، قاله ابن عباس.

والثاني: الإثم، قاله مقاتل.

والثالث: الكفر، لأنهم كلما كفروا بسورة زاد كفرهم، قاله الزجاج.

قوله تعالى: { أولا يرون } يعني المنافقين. وقرأ حمزة: «أولا ترون» بالتاء على الخطاب للمؤمنين. وفي معنى { يُفتَنُون } ثمانية أقوال.

أحدها: يكذبون كذبة أو كذبتين يُضلِّون بها، قاله حذيفة بن اليمان.

والثاني: ينافقون ثم يؤمنون ثم ينافقون، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: يُبْتَلَوْنَ بالغزو في سبيل الله، قاله الحسن، وقتادة.

والرابع: يُفْتَنون بالسَّنَة والجوع، قاله مجاهد.

والخامس: بالأوجاع والأمراض، قاله عطية.

والسادس: يَنقضُون عهدهم مرة أو مرتين، قاله يمان.

والسابع: يكفرون، وذلك أنهم كانوا إذا أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بما تكلَّموا به إذ خَلَوْا، علموا أنه نبي، ثم يأتيهم الشيطان فيقول: إنما بلغه هذا عنكم، فيشركون، قاله مقاتل بن سليمان.

والثامن: يُفضَحون باظهار نفاقهم، قاله مقاتل بن حيان.

قوله تعالى: { ثم لا يتوبون } أي: من نفاقهم. { ولا هُمْ يذَّكَّرونَ } أي: يعتبرون ويتَّعظون.