التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٩٠
-المائدة

تفسير القرآن

ـ قوله عزّ وجلّ { يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوَاْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ } الآية اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما روى ابن إسحاق عن أبي ميسرة قال: قال عمر بن الخطاب: اللهمّ بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت الآية في البقرة { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } [البقرة: 219] فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهمّ بَيِّن لنا في الخمر بياناَ شافياً فنزلت الآية التي في سورة النساء { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ } [النساء: 43] وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة ينادي لا يقربنّ الصلاة سكران فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهمّ بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت التي في المائدة { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ } الآية إلى قوله { فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } فقال عمر: انتهينا انتهينا والثاني: أنها نزلت في سعد بن أبي وقّاص وقد لاحى رجلاً على شراب فضربه الرجل بلحي جمل ففرز أنفه قاله مصعب بن سعد، والثالث: أنها نزلت في قبيلتين من الأنصار ثملوا من الشراب فعبث بعضهم ببعض فأنزل الله فيهم هذه الآية قاله ابن عباس فلما حرمت الخمر قال المسلمون "يا رسول الله, كيف بأخواننا الذين شربوها وماتوا قبل تحريمها فأنزل الله ـ تعالى ـ { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ } [المائدة: 93] يعني من الخمر قبل التحريم { إِذَا مَا اتَّقَواْ } يعني في أداء الفرائض و { وءَامَنُواْ } يعني بالله ورسوله، { وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } يعني البرّ والمعروف، { ثُمَّ اتَّقَواْ وَأَحْسَنُواْ } يعني بعمل النوافل فالتقوى الأول عمل الفرائض، والتقوى الثاني عمل النوافل، فأما الميسر: فهو القمار، وأما الأنصاب ففيها وجهان: أحدهما: أنها الأصنام تعبد قاله الجمهور، والثاني: أنها أحجار [حول] الكعبة يذبحون لها قاله مقاتل وأما الأزلام فهي قداح من خشب يستقسم بها على ما قدّمناه وقوله { رِجْسٌ } يعني حراماً، وأصل الرجس: المستقذر الممنوع منه فعبّر به عن الحرام لكونه ممنوعاً منه ثم قال { مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } أي مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به لأنه [لا] يأمر إلا بالمعاصي ولا ينهى إلا عن الطاعات.