التفاسير

< >
عرض

أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ
١
فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ
٢
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ
٤
ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ
٥
ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ
٦
وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ
٧
-الماعون

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

مختلف فيها وهي سبع آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

{ أَرَءيْتَ ٱلَّذِى يُكَذّبُ بِٱلدّينِ } أي هل عرفت الذي يكذب بالجزاء من هو إن لم تعرفه { فَذَلِكَ ٱلَّذِى } يكذب بالجزاء هو الذي { يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } أي يدفعه دفعاً عنيفاً بجفوة وأذى ويرده رداً قبيحاً بزجر وخشونة { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } ولا يبعث أهله على بذل طعام المسكين، جعل علم التكذيب الجزاء منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف أي لو آمن بالجزاء وأيقن بالوعيد لخشي الله وعقابه ولم يقدم على ذلك، فحين أقدم عليه دل أنه مكذب بالجزاء. ثم وصل به قوله { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } يعني بهذا المنافقين لا يصلونها سراً لأنهم لا يعتقدون وجوبها ويصلونها علانية رياء. وقيل: فويل للمنافقين الذين يدخلون أنفسهم في جملة المصلين صورة وهم غافلون عن صلاتهم، وأنهم لا يريدون بها قربة إلى ربهم ولا تأدية للفرض فهم ينخفضون ويرتفعون ولا يدرون ماذا يفعلون، ويظهرون للناس أنهم يؤدون الفرائض ويمنعون الزكاة وما فيه منفعة. وعن أنس والحسن قالا: الحمد لله الذي قال { عَن صَلَـٰتِهِمْ } ولم يقل «في صلاتهم» لأن معنى «عن» أنهم ساهون عنها سهو ترك لها وقلة التفات إليها ذلك فعل المنافقين، ومعنى «في» أن السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس وذلك لا يخلو عنه مسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع له السهو في صلاته فضلاً عن غيره. والمراءاة مفاعلة من الإراءة لأن المرائي يرائي الناس عمله وهم يرونه الثناء عليه والإعجاب به، ولا يكون الرجل مرائياً بإظهار الفرائض فمن حقها الإعلان بها لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا غمة في فراض الله" والإخفاء في التطوع أولى فإن أظهره قاصداً للاقتداء به كان جميلاً، والماعون: الزكاة. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: ما يتعاور في العادة من الفأس والقدر والدلو والمقدحة ونحوها، وعن عائشة رضي الله عنها: الماء والنار والملح والله أعلم.