التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
١٠٢
إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلآخِرَةِ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ
١٠٣
وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ
١٠٤
يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ
١٠٥
-هود

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَكَذٰلِكَ } محل الكاف الرفع أي ومثل ذلك الأخذ { أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ } أي أهلها { وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ } حال من { القرى } { إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } مؤلم شديد صعب على المأخوذ وهذا تحذير لكل قرية ظالمة من كفار مكة وغيرها فعلى كل ظالم أن يبادر التوبة ولا يغتر بالإمهال { إِنَّ فِى ذَلِكَ } فيما قص الله من قصص الأمم الهالكة { لآيَةً } لعبرة { لّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلآخِرَةِ } أي اعتقد صحته ووجوده { ذٰلِكَ } إشارة إلى يوم القيامة لأن عذاب الآخرة دل عليه { يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ } وهو مرفوع بمجموع كما يرفع فعله إذا قلت يجمع له الناس. وإنما آثر اسم المفعول على فعله لما في اسم المفعول من دلالته على ثبات معنى الجمع لليوم. وإنه أثبت أيضاً لإسناد الجمع إلى الناس وأنهم لا ينفكون منه يجمعون للحساب والثواب والعقاب { وَذٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } أي مشهود فيه فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به أي يشهد فيه الخلائق الموقف لا يغيب عنه أحد

{ وَمَا نُؤَخّرُهُ } أي اليوم المذكور. الأجل يطلق على مدة التأجيل كلها وعلى منتهاها، والعد إنما هو للمدة لا لغايتها ومنتهاها، فمعنى قوله { وما نؤخره } { إِلاَّ لاِجَلٍ مَّعْدُودٍ } إلا لانتهاء مدة معدودة بحذف المضاف، أو ما نؤخر هذا اليوم إلا لتنتهي المدة التي ضربناها لبقاء الدنيا { يَوْمَ يَأْتِ } وبالياء مكي، وافقه أبو عمرو ونافع وعلي في الوصل، وإثبات الياء هو الأصل إذ لا علة توجب حذفها، وحذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل ونظيره { مَا كُنَّا نَبْغِ } [الكهف: 64] وفاعل { يأت } ضمير يرجع إلى قوله { يوم مجموع له الناس } لا اليوم المضاف إلى { يأت } و{ يوم } منصوب باذكر أو بقوله { لاَ تَكَلَّمُ } أي لا تتكلم { نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } أي لا يشفع أحد إلا بإذن الله، { { مَن ذَا ٱلَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255] { فَمِنْهُمْ } الضمير لأهل الموقف لدلالة { لا تكلم نفس } عليه وقد مر ذكر الناس في قوله { مجموع له الناس } { شَقِيٌّ } معذب { وَسَعِيدٌ } أي ومنهم سعيد أي منعم.