التفاسير

< >
عرض

حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ
٤٠
وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
٤١
-هود

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ حَتَّىٰ } هي التي يبدأ بعدها الكلام أدخلت على الجملة من الشرط والجزاء وهي غاية لقوله { ويصنع الفلك } أي وكان يصنعها إلى أن جاء وقت الموعد، وما بينهما من الكلام حال من { يصنع } أي يصنعها والحال أنه كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، وجواب { كلما } { سخروا } { وقال } استئناف على تقدير سؤال سائل، أو { قال } جواب و{ سخروا } بدل من { مر } أو صفة لـ { ملأ } { إِذَا جَاء أَمْرُنَا } عذابنا { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } هو كناية عن اشتداء الأمر وصعوبته. وقيل: معناه جاش الماء من تنور الخبز، وكان من حجر لحواء فصار إلى نوح عليه السلام. وقيل: التنور وجه الأرض { قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا } في السفينة { مِن كُلّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } تفسيره في سورة المؤمنين { وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } عطف على { اثنين } وكذا { وَمَنْ ءامَنَ } أي واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم، واستثنى من أهله من سبق عليه القول إنه من أهل النار وما سبق عليه القول بذلك إلا للعلم بأنه يختار الكفر بتقديره وإرادته جل خالق العباد عن أن يقع في الكون خلاف ما أراد { وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } قال عليه السلام: "كانوا ثمانية نوح وأهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم" وقيل: كانوا عشرة خمسة رجال وخمس نسوة. وقيل: كانوا اثنين وسبعين ــ رجالاً ــ ونساء ــ وأولاد نوح: سام وحام ويافث ونساؤهم، فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء { وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } { بسم الله } متصل بـ { اركبوا } حالاً من الواو أي اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين بسم الله وقت إجرائها ووقت إرسائها، إما لأن المجرى والمرسى للوقت، وإما لأنهما مصدران كالإجراء والإرساء حذف منهما الوقت المضاف كقولهم «خفوق النجم» ويجوز أن يكون { بسم الله مجرها ومرساها } جملة برأسها غير متعلقة بما قبلها وهي مبتدأ وخبر يعني أن نوحاً عليه السلام أمرهم بالركوب ثم أخبرهم بأن مجراها ومرساها بذكر اسم الله أي باسم الله إجراؤها وإرساؤها، وكان إذا أراد أن تجري قال بسم الله فجرت، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله فرست: { مجريها } بفتح الميم وكسر الراء من جرى إما مصدر أو وقت: حمزة وعلي وحفص، وبضم الله الميم وكسر الراء: أبو عمرو، والباقون: بضم الميم وفتح الراء { إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ } لمن آمن منهم { رَّحِيمٌ } حيث خلصهم

.