التفاسير

< >
عرض

يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ
٧٦
وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ
٧٧
وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ
٧٨
-هود

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ يإِبْرٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } الجدال وإن كانت الرحمة ديدنك { إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبّكَ } قضاؤه وحكمه { وَإِنَّهُمْ اتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } لا يرد بجدال وغير ذلك عذاب مرتفع باسم الفاعل وهو { آتيهم } تقديره وإنهم يأتيهم. ثم خرجوا من عند إبراهيم متوجهين نحو قوم لوط وكان بين قرية إبراهيم وقوم لوط أربعة فراسخ.

{ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً } لما أتوه ورأى هيئاتهم وجمالهم { سِىء بِهِمْ } أحزن لأنه حسب أنهم إِنس فخاف عليهم خبث قومه وأن يعجز عن مقاومتهم ومدافعتهم { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } تمييز أي وضاق بمكانهم صدره { وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } شديد. روي أن الله تعالى قال لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات، فلما مشى معهم منطلقاً بهم إلى منزله قال لهم: أما بلغكم أمر هذه القرية؟ قالوا: وما أمرهم؟ قال. أشهد الله إنها لشر قرية في الأرض عملاً. قال ذلك أربع مرات ــ فدخلوا معه منزله ولم يعلم بذلك أحد فخرجت امرأته فأخبرت بهم قومها. { وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } يسرعون كأنما يدفعون دفعاً { وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَاتِ } ومن قبل ذلك الوقت كانوا يعملون الفواحش حتى مرنوا عليها وقل عندهم استقباحها فلذلك جاؤوا يهرعون مجاهرين لا يكفهم حياء { قَالَ يَـا قَوْمٌ هَـٰؤُلآء بَنَاتِى } فتزوجوهن أراد أن يقي أضيافه ببناته وذلك غاية الكرم، وكان تزويج المسلمات من الكفار جائزاً في ذلك الوقت كما جاز في الابتداء في هذه الأمة، فقد زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه من عتبه بن أبي لهب وأبي العاص وهما كافران. وقيل كان لهم سيدان مطاعان فأراد لوط أن يزوجهما ابنتيه { هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } أحل { هؤلاء } مبتدأ { وبناتي } عطف بيان و{ هن } فصل و{ أطهر } خبر المبتدأ أو { بناتي } خبر و{ هن أطهر } مبتدأ وخبر { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } بإيثارهن عليهم { وَلاَ تُخْزُونِ } ولا تهينوني ولا تفضحوني من الخزي، أو ولا تخجلوني من الخزاية وهي الحياء، وبالياء: أبو عمرو في الوصل { فِى ضَيْفِى } في حق ضيوفي فإنه إذا خزي ضيف الرجل أو جاره فقد خزى الرجل وذلك من عراقة الكرم وأصالة المروءة { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } أي رجل واحد يهتدي إلى طريق الحق وفعل الجميل والكف عن السوء

.