التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ
٢٨
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ
٢٩
كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ
٣٠
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ
٣١
-الرعد

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ ٱلَّذِينَ آمنوا } هم الذين أو محله النصب بدل مِن { مِن } { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ } تسكن { بِذِكْرِ ٱللَّهِ } على الدوام أو بالقرآن أو بوعده { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } بسبب ذكره تطمئن قلوب المؤمنين { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } مبتدأ

{ طُوبَىٰ لَهُمْ } خبره وهو مصدر من طاب كبشرى ومعنى طوبى لك أصبت خيراً وطيباً ومحلها النصب أو الرفع كقولك طيباً لك وطيب لك وسلاماً لك وسلام لك. واللام في { لهم } للبيان مثلها في سقيا لك والواو في { طوبى } منقلبة عن ياء لضمة ما قبلها كموقن والقراءة في { وَحُسْنُ مَـئَابٍ } مرجع. بالرفع والنصب تدل على محليها { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ } مثل ذلك الإرسال أرسلناك إرسالاً له شأن وفضل على سائر الإرسالات ثم فسر كيف أرسله فقال { فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ } أي أرسلناك في أمة قد تقدمتها أمم كثيرة فهي آخر الأمم وأنت خاتم الأنبياء { لّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذي أوحينا إليك { وَهُمْ يَكْفُرُونَ } وحال هؤلاء أنهم يكفرون { بِٱلرَّحْمَـٰنِ } بالبليغ الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء { قُلْ هُوَ رَبّي } ورب كل شيء { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي هو ربي الواحد المتعالي عن الشركاء { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } في نصرتي عليكم { وَإِلَيْهِ مَتَابِ } مرجعي فيثيبني على مصابرتكم. { متابي } و{ عقابي } و{ مآبي } في الحالين: يعقوب.

{ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ } عن مقارِّها { أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ } حتى تتصدع وتتزايل قطعاً { أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ } فتسمع وتجيب لكان هذا القرآن لكونه غاية في التذكير ونهاية في الإنذار والتخويف فجواب «لو» محذوف. أو معناه ولو أن قرآناً وقع به تسيير الجبال وتقطيع الأَرض وتكليم الموتى وتنبيهم لما آمنوا به ولما تنبهوا عليه كقوله: { { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةَ } [الأنعام: 111] الآية { بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعًا } بل لله القدرة على كل شيء وهو قادر على الآيات التي اقترحوها { أَفَلَمْ يَاْيْـئَسِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } أفلم يعلم وهي لغة قوم من النخع وقيل إنما استعمل اليأس بمعنى العلم لتضمنه معناه لأَن اليائس عن الشيء عالم بأنه لا يكون كما استعمل النسيان في معنى الترك لتضمن ذلك، دليله قراءة علي رضي الله عنه { أفلم يتبين } وقيل إنما كتبه الكاتب وهو ناعس مستوي السنات وهذه والله فرية ما فيها مرية { أَن لَّوْ يَشَاءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ } من كفرهم وسوء أعمالهم { قَارِعَةٌ } داهية تقرعهم بما يحل الله بهم في كل وقت من صنوف البلايا والمصائب في نفوسهم وأولادهم وأموالهم { أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مّن دَارِهِمْ } أو تحل القارعة قريباً منهم فيفزعون ويتطاير عليهم شررها ويتعدى إليهم شرورها { حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ } أي موتهم أو القيامة أو ولا يزال كفار مكة تصيبهم بما صنعوا برسول الله من العداوة والتكذيب قارعة لأن جيش رسول الله يغير حول مكة ويختطف منهم أو تحل أنت يا محمد قريباً من دارهم بجيشك يوم الحديبية حتى يأتي وعد الله أي فتح مكة { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } أي لا خلف في موعده

.