التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ
٨
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ
٩
قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
١٠
-إبراهيم

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ } يا بني إسرائيل { وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } والناس كلهم { فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ } عن شكركم { حَمِيدٌ } وإن لم يحمده الحامدون وأنتم ضررتم أنفسكم حيث حرمتموها الخير الذي لا بد لكم منه { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } من كلام موسى لقومه أو ابتداء خطاب لأهل عصر محمد عليه السلام { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } جملة من مبتدأ وخبر وقعت اعتراضاً، أو عطف { الذين من بعدهم } على { قوم نوح } و{ لا يعلمهم إلا الله } اعتراض، والمعنى أنهم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: بين عدنان وإسمٰعيل ثلاثون أباً لا يعرفون. ورُوى أنه عليه السلام قال عند نزول هذه الآية: كذب النسابون { جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } بالمعجزات { فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ } الضميران يعودان إلى الكفرة أي أخذوا أناملهم بأسنانهم تعجباً أو عضوا عليها تغيظاً، أو الثاني يعود إلى الأنبياء أي رد القوم أيديهم في أفواه الرسل كيلا يتكلموا بما أرسلوا به { وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ } من الإيمان بالله والتوحيد { مُرِيبٍ } موقع في الريبة { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ } أدخلت همزة الإنكار على الظرف لأن الكلام ليس في الشك إنما هو في المشكوك فيه، وأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة وهو جواب قولهم { وإنا لفي شك } { فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ } إِلَى الإيمان { لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } إِذا آمنتم ولم تجيء مع «من» إلا في خطاب الكافرين كقوله: { وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } [نوح:4،3] { يٰقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } [الاحقاف:31] وقال في خطاب المؤمنين: { هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ } إلى أن قال: { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [الصف: 11،10] وغير ذلك مما يعرف بالاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد { وَيُؤَخّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } إلى وقت قد سماه وبين مقداره.

{ قَالُواْ } أي القوم { إِنْ أَنتُمْ } ما أنتم { إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا } لا فضل بيننا وبينكم ولا فضل لكم علينا فلم تخصون بالنبوة دوننا { تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا } يعني الأصنام { فَأْتُونَا بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } بحجة بينة وقد جاءتهم رسلهم بالبينات، وإنما أرادوا بالسلطان المبين آية قد اقترحوها تعنتاً ولجاجا