التفاسير

< >
عرض

لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوْءِ وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦٠
وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
٦١
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ
٦٢
-النحل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوْءِ } صفة السوء وهي الحاجة إلى الأولاد الذكور وكراهة الإناث، ووأدهن خشية الإملاق { وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } وهو الغني عن العالمين والنزاهة عن صفات المخلوقين { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب في تنفيذ ما أراد { ٱلْحَكِيمُ } في إمهال العباد { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ } بكفرهم ومعاصيهم { مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } على الأرض { مِن دَآبَّةٍ } قط ولأهلكها كلها بشؤم ظلم الظالمين. عن أبي هريرة رضي الله عنه: إن الحبارى لتموت في وكرها بظلم الظالم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: كاد الجعل يهلك في جحره بذنب ابن آدم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما. { من دابة } من مشرك يدب { وَلٰكِن يُؤَخِرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ } أي أجل كل أحد أو وقت تقتضيه الحكمة أو القيامة { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } ما يكرهونه لأنفسهم من البنات ومن شركاء في رياستهم ومن الاستخفاف برسلهم، ويجعلون له أرذل أموالهم ولأصنامهم أكرمها { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ } مع ذلك أي ويقولون الكذب { أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ } عند الله وهي الجنة إن كان البعث حقاً كقوله { وَلَئِن رُّجّعْتُ إِلَىٰ رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } [فصلت: 50] و{ أن لهم الحسنى } بدل من { الكذب } { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } { مفرِطون } نافع { مفرِّطون } أبو جعفر. فالمفتوح بمعنى مقدمون إلى النار معجلون إليها من أفرطت فلاناً وفرطته في طلب الماء إذا قدمته، أو منسيون متروكون من أفرطت فلاناً خلفي إذا خلفته ونسيته. والمكسور المخفف من الإفراط في المعاصي، والمشدد من التفريط في الطاعات أي التقصير فيها.