التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ
٧٢
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
٧٣
فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٧٤
ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٧٥
-النحل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أي من جنسكم { وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } جمع حافد وهو الذي يحفد أي يسرع في الطاعة والخدمة ومنه قول القانت

وإليك نسعى ونحفد

واختلف فيه فقيل: هم الأختان على البنات وقيل: أولاد الأولاد. والمعنى وجعل لكم حفدة أي خدماً يحفدون في مصالحكم ويعينونكم { وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيّبَاتِ } أي بعضها لأن كل الطيبات في الجنة وطيبات الدنيا أنموذج منها { أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ } هو ما يعتقدونه من منفعة الأصنام وشفاعتها { وَبِنعْمَتِ اللهِ } أي الإسلام { هُمْ يَكْفُرُونَ } أو الباطل الشيطان والنعمة محمد صلى الله عليه وسلم أو الباطل ما يسول لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما ونعمة الله ما أحل لهم { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مّنَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئًا } أي الصنم وهو جماد لا يملك أن يرزق شيئاً، فالرزق يكون بمعنى المصدر وبمعنى ما يرزق، فإن أردت المصدر نصبت به { شيئاً } أي لا يملك أن يرزق شيئاً، وإن أردت المرزوق كان { شيئا }ً بدلاً منه أي قليلاً، و{ من السماوات والأرض } صلة للرزق إن كان مصدراً أي لا يرزق من السماوات مطراً ولا من الأرض نباتاً، وصفة إن كان اسماً لما يرزق، والضمير في { ولاَ يَسْتَطِيعُونَ } لما لأنه في معنى الآلهة بعدما قال لا يملك على اللفظ، والمعنى لا يملكون الرزق ولا يمكنهم أن يملكوه ولا يتأتى ذلك منهم { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ } فلا تجعلوا لله مثلًا فإنه لا مثل له أي فلا تجعلوا له شركاء { أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ } أنه لا مثل له من الخلق { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ذلك أو إن الله يعلم كيف يضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ذلك والوجه الأول. ثم ضرب المثل فقال: { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا } هو بدل من { مثلاً } { مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَىْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرَّا وَجَهْرًا } مصدران في موضع الحال أي مثلكم في إشراككم بالله الأوثان مثل من سوى بين عبد مملوك عاجز عن التصرف وبين حر مالك قد رزقه الله مالاً فهو يتصرف فيه وينفق منه ما شاء. وقيد بالمملوك ليميزه من الحر لأن اسم العبد يقع عليهما جميعاً إذ هما من عباد الله وبـ { لا يقدر على شيء } ليمتاز من المكاتب والمأذون فيهما يقدران على التصرف. و«من» موصوفة أي وحراً رزقناه ليطابق عبداً، أو موصولة { هَلْ يَسْتَوُونَ } جمع الضمير لإرادة الجمع أي لا يستوي القبيلان { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } بأن الحمد والعبادة لله ثم زاد في البيان فقال: