التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٦
وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٧٧
-النحل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَىْءٍ } الأبكم الذي ولد أخرس فلا يفهم ولا يفهم { وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ } أي ثقل وعيال على من يلي أمره ويعوله { أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } حيثما يرسله ويصرفه في مطلب حاجة أو كفاية مهم لم ينفع ولم يأت بنجح { هَلْ يَسْتَوِى هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } أي ومن هو سليم الحواس نفاع ذو كفايات مع رشد وديانة فهو يأمر الناس بالعدل والخير { وَهُوَ } في نفسه { عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } على سيرة صالحة ودين قويم، وهذا مثل ثان ضربه لنفسه ولما يفيض على عباده من آثار رحمته ونعمته وللأصنام التي هي أموات لا تضر ولا تنفع { وَللَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي يختص به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفي عليهم علمه، أو أراد بغيب السماوات والأرض يوم القيامة على أن علمه غائب عن أهل السماوات والأرض لم يطلع عليه أحد منهم { وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ } في قرب كونها وسرعة قيامها { إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } كرجع طرف، وإنما ضرب به المثل لأنه لا يعرف زمان أقل منه { أَوْ هُوَ } أي الأمر { أَقْرَبُ } وليس هذا لشك المخاطب ولكن المعنى، كونوا في كونها على هذا الاعتبار. وقيل: بل هو أقرب { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } فهو يقدر على أن يقيم الساعة ويبعث الخلق لأنه بعض المقدورات ثم دل على قدرته بما بعده فقال: