التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
٩٥
مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٦
مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٧
-النحل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَلاَ تَشْتَرُواْ } ولا تستبدلوا { بِعَهْدِ ٱللَّهِ } وبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم { ثَمَناً قَلِيلاً } عرضاً من الدنيا يسيراً كأن قوماً ممن أسلم بمكة زين لهم الشيطان لجزعهم مما رأوا من غلبة قريش واستضعافهم المسلمين، ولما كانوا يعدونهم إن رجعوا من المواعيد أن ينقضوا ما بايعوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فثبتهم الله { إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ } من ثواب الآخرة { هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا عِندَكُمْ } من أعراض الدنيا { يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ } من خزائن رحمته { بَاقٍ } لا ينفد { وَلَنَجْزِيَنَّ } وبالنون: مكي وعاصم { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } على أذى المشركين ومشاق الإسلام { أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ } «من» مبهم يتناول النوعين إلا أن ظاهره للذكور فبين بقوله { من ذكر أو أنثى } ليعم الموعد النوعين { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } شرط الإيمان لأن أعمال الكفار غير معتد بها وهو يدل على أن العمل ليس من الإيمان { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيِّبَةً } أي في الدنيا لقوله { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وعده الله ثواب الدنيا والآخرة كقوله { { فَـاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ } [آل عمران: 148] وذلك أن المؤمن مع العمل الصالح موسراً كان أو معسراً يعيش عيشاً طيباً إن كان موسراً فظاهر، وإن كان معسراً فمعه ما يطيب عيشه وهو القناعة والرضا بقسمة الله تعالى. وأما الفاجر فأمره بالعكس، إن كان معسراً فظاهر، وإن كان موسراً فالحرص لا يدعه أن يتهنأ بعيشه. وقيل: الحياة الطيبة القناعة أو حلاوة الطاعة أو المعرفة بالله، وصدق المقام مع الله، وصدق الوقوف على أمر الله، والإعراض عما سوى الله