التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً
٦٣
وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً
٦٤
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً
٦٥
رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً
٦٦
-الإسراء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ قَالَ ٱذْهَبْ } ليس من الذهاب الذي هو ضد المجيء وإنما معناه امض لشأنك الذي اخترته خذلاناً وتخلية. ثم عقبه بذكر ما جره سوء اختياره فقال: { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ } والتقدير فإن جهنم جزاؤهم وجزاؤك ثم غلب المخاطب على الغائب فقيل { جزاؤكم } وانتصب { جَزَاء مَّوفُورًا } أي موفراً بإضمار تجازون { وَٱسْتَفْزِزْ } استزل أو استخف استفزه أي استخفه والفز الخفيف. { مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } بالوسوسة أو بالغناء أو بالمزمار { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم } اجمع وصح بهم من الجلبة وهو الصياح { بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } بكل راكب وماش من أهل العيث، فالخيل الخيالة، والرجل اسم جمع للراجل ونظيره الركب والصحب { ورجلك } حفص على أن فعلاً بمعنى فاعل كتعب وتاعب، ومعناه وجمعك الرِجل وهذا لأن أقصى ما يستطاع في طلب الأمور الخيل والرجل. وقيل: يجوز أن يكون لإبليس خيل ورجال { وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلأَمْوٰلِ وَٱلأَوْلَـٰدِ } قال الزجاج: كل معصية في مال وولد فإبليس شريكهم فيها كالربا والمكاسب المحرمة والبحيرة والسائبة والإنفاق في الفسوق والإسراف ومنع الزكاة والتوصل إلى الأولاد بالسبب الحرام والتسمية بعبد العزى وعبد شمس { وَعِدْهم } المواعيد الكاذبة من شفاعة الآلهة والكرامة على الله بالأنساب الشريفة وإيثار العاجل على الآجل ونحو ذلك { وَمَا يَعِدُهُمْ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُوراً } هو تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب { أَن عِبَادِى } الصالحين { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } يد بتبديل الإيمان ولكن بتسويل العصيان { وَكَفَىٰ بِرَبّكَ وَكِيلاً } لهم يتوكلون به في الاستعاذة منك أو حافظاً لهم عنك، والكل أمر تهديد فيعاقب به أو إهانة أي لا يخل ذلك بملكي.

{ رَّبُّكُمُ ٱلَّذِى يُزْجِى } يجري ويسير { لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِى ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } يعني الربح في التجارة { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. }