التفاسير

< >
عرض

وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً
٧٢
وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً
٧٣
وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً
٧٤
-الإسراء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَمَن كَانَ فِى هَـٰذِهِ } الدنيا { أَعْمَىٰ فَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ } كذلك { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } من الأعمى أي أضل طريقاً، والأعمى مستعار ممن لا يدرك المبصرات لفساد حاسته لمن لا يهتدي إلى طريق النجاة، أما في الدنيا فلفقد النظر وأما في الآخرة فلأنه لا ينفعه الاهتداء إليه. وقد جوّزوا أن يكون الثاني بمعنى التفضيل بدليل عطف { وأضل } ومن ثم قرأ أبو عمرو الأول ممالاً والثاني مفخماً، لأن أفعل التفضيل تمامه بـ «من» فكانت ألفه في حكم الواقعة في وسط الكلمة فلا يقبل الإمالة وأما الأول فلم يتعلق به شيء فكانت ألفه واقعة في الطرف فقبلت الإمالة، وأمالهما حمزة وعلي وفخمهما الباقون.

ولما قالت قريش اجعل آية رحمة آية عذاب وآية عذاب آية رحمة حتى نؤمن بك نزل { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } «إن» مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية، والمعنى إن الشأن قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين { عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا { لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } لتتقول علينا ما لم نقل يعني ما اقترحوه من تبديل الوعد وعيداً والوعيد وعداً { وَإِذاً لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } أي ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك خليلا ولكنت لهم ولياً وخرجت من ولايتي { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَـٰكَ } ولولا تثبيتنا وعصمتنا { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ } لقاربت أن تميل إلى مكرهم { شَيْئًا قَلِيلاً } ركوناً، قليلاً وهذا تهييج من الله له وفضل تثبيت

.