التفاسير

< >
عرض

فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً
٢٣
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً
٢٤
-مريم

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ فَأَجَاءهَا } جاء بها. وقيل: ألجأها وهو منقول من جاء إلا أن استعماله قد تغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء، ألا تراك لا تقول جئت المكان وأجاءنيه زيد { ٱلْمَخَاضُ } وجمع الولادة { إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } أصلها وكان يابسة وكان الوقت شتاء وتعريفها مشعر بأنها كانت نخلة معروفة وجاز أن يكون التعريف للجنس أي جذع هذه الشجرة كأنه تعالى أرشدها إلى النخلة ليطعمها منها الرطب لأنه حرسة النفساء أي طعامها. ثم { قَالَتْ } جزعاً مما أصابها { يٰلَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } اليوم ــ { مِتُّ } مدني ــ وكوفي غير أبي بكر، وغيرهم: بالضم. يقال: مات يموت ومات يمات { وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } شيئاً متروكاً لا يعرف ولا يذكر. بفتح النون: حمزة وحفص، بالكسر: غيرهما ومعناهما واحد وهو الشيء الذي حقه أن يطرح وينسى لحقارته { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا } ــ { مَن } ــ أي الذي تحتها فـ { من } فاعل وهو جبريل عليه السلام لأنِه كان بمكان منخفض عنها، أو عيسى عليه السلام لأنه خاطبها من تحت ذيلها. { من تحتها } مدني وكوفي سوى أبي بكر والفاعل مضمر وهو عيسى عليه السلام، أو جبريل والهاء في { تحتها } للنخلة. ولشدة ما لقيت سليت بقوله { أَلاَّ تَحْزَنِى } لا تهتمي بالوحدة وعدم الطعام والشراب ومقالة الناس و«أن» بمعنى أي { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ } بقربك أو تحت أمرك إن أمرته أن يجري جري وإن أمرته أن يقف وقف { سَرِيّاً } نهراً صغيراً عند الجمهور، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السري فقال: هو الجدول. وعن الحسن: سيداً كريماً يعني عيسى عليه السلام. وروي أن خالد بن صفوان قال: له إن العرب تسمي الجدول سرياً فقال الحسن: صدقت ورجع إلى قوله. وقال: ابن عباس رضي الله عنهما: ضرب عيسى أو جبريل عليهما السلام بعقبه الأرض فظهرت عين ماء عذب فجرى النهر اليابس فاخضرت النخلة وأثمرت وأينعت ثمرتها فقيل لها

: