التفاسير

< >
عرض

فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً
٨٤
يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً
٨٥
وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً
٨٦
لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً
٨٧
-مريم

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ } بالعذاب { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } أي أعمالهم للجزاء وأنفاسهم للفناء، وقرأها ابن السماك عند المأمون فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما أسرع ما تنفد.

{ يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } ركبانا على نوق رحالها ذهب وعلى نجائب سروجها ياقوت { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ } الكافرين سوق الأنعام لأنهم كانوا أضل من الأنعام { إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } عطاشاً لأن من يرد الماء لا يرده إلا لعطش وحقيقة الورد المسير إلى الماء فيسمى به الواردون، فالوفد جمع وافد كركب وراكب والورد جمع وارد. ونصب { يوم } بمضمر أو يوم نحشر ونسوق نفعل بالفريقين ما لا يوصف أي اذكر يوم نحشر. ذكر المتقون بأنهم يجمعون إلى ربهم الذي غمرهم برحمته كما يفد الوفود على الملوك تبجيلاً لهم، والكافرون بأنهم يساقون إلى النار كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء استخفافاً بهم { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَـٰعَةَ } حال. والواو إن جعل ضميراً فهو للعباد ودل عليه ذكر المتقين والمجرمين لأنهم على هذه القسمة، ويجوز أن يكون علامة للجمع كالتي في «أكلوني البراغيث» والفاعل من { اتخذ } لأنه في معنى الجمع ومحل { من اتخذ } رفع على البدل من واو { يملكون } أو على الفاعلية، أو نصب على تقدير حذف المضاف أي إلا شفاعة من اتخذ والمراد لا يمكلون أن يشفع لهم { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } بأن آمن. في الحديث "من قال: لا إلٰه إلا الله كان له عند الله عهد" وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم: "أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهداً" ؟ قالوا: وكيف ذلك؟ قال: "يقول كل صباح ومساء اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك بأني أشهد أن لا إلٰه إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك وإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عهداً توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين الذين كان لهم عند الله عهد فيدخلون الجنة" أو يكون من عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به أي لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة المأذون له فيها.