{ وَٱلْوٰلِدٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ } خبر في معنى الأمر المؤكد كـ { يَتَرَبَّصْنَ } وهذا الأمر على وجه الندب أو على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه، أو لم توجد له ظئر، أو كان الأب عاجزاً عن الاستئجار، أو أراد الوالدات المطلقات وإيجاب النفقة والكسوة لأجل الرضاع { حَوْلَيْنِ } ظرف { كَامِلَيْنِ } تأمين وهو تأكيد لأنه مما يتسامح فيه فإنك تقول: أقمت عند فلان حولين ولم تستكملهما { لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } بيان لمن توجه إليه الحكم أي هذا الحكم لمن أراد إتمام الرضاعة. والحاصل أن الأب يجب عليه إرضاع ولده دون الأم، وعليه أن يتخذ له ظئراً إلا إذا تطوعت الأم بإرضاعه وهي مندوبة إلى ذلك ولا تجبر عليه، ولا يجوز استئجار الأم ما دامت زوجة أو معتدة { وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ } الهاء يعود إلى اللام الذي بمعنى «الذي»، والتقدير: وعلى الذي يولد له وهو الوالد، و«له» في محل الرفع على الفاعلية كـ «عليهم» في
{ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } [الفاتحة: 7] وإنما قيل «على المولود له» دون الوالد ليعلم أن الوالدات إنما ولدن لهم إذ الأولاد للآباء والنسب إليهم لا إليهن فكان عليهم أن يرزقوهن ويكسوهن إذا أرضعن ولدهم كالأظار، ألا ترى أنه ذكره باسم الوالد حيث لم يكن هذا المعنى وهو قوله: { { وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } [لقمان: 33] { رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } بلا إسراف ولا تقتير، وتفسيره ما يعقبه وهو أن لا يكلف واحد منهما ما ليس في وسعه ولا يتضارا { لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا } وجدها أو قدر إمكانها. والتكليف إلزام ما يؤثره في الكلفة. وانتصاب «وسعها» على أنه مفعول ثانٍ لـ «تكلف» لا على الاستثناء ودخلت إلا بين المفعولين. { لاَ تُضَارَّ } مكي وبصري بالرفع على الإخبار ومعناه النهي وهو يحتمل البناء للفاعل والمفعول وأن يكون الأصل «تضارر» بكسر الراء أو «تضارر» بفتحها. الباقون «لا تضار» على النهي والأصل «تضارر» أسكنت الراء الأولى وأدغمت في الثانية فالتقى الساكنان ففتحت الثانية لالتقاء الساكنين { وٰلِدَةٌ بِوَلَدِهَا } أي لا تضار والدة زوجها بسبب ولدها وهو أن تعنف به وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد، وأن تقول بعدما ألفها الصبي أطلب له ظئر أو ما أشبه ذلك { وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ } أي ولا يضار مولود له امرأته بسبب ولده بأن يمنعها شيئاً مما وجب عليه من رزقها وكسوتها أو يأخذه منها وهي تريد إرضاعه. وإذا كان مبنياً للمفعول فهو نهي عن أن يلحق بها الضرار من قبل الزوج، وعن أن يلحق الضرار بالزوج من قبلها بسبب الولد، أو تضار بمعنى تضر والباء من صلته أي لا تضر والدة ولدها فلا تسيء غذاءه وتعهده ولا تدفعه إلى الأب بعد ما ألفها، ولا يضر الوالد به بأن ينتزعه من يدها أو يقصر في حقها فتقصر هي في حق الولد. وإنما قيل «بولدها» و«بولده» لأنه لما نهيت المرأة عن المضارة أضيف إليها الولد استعطافاً لها عليه وذلك الوالد { وَعَلَى ٱلْوَارِثِ } عطف على قوله «وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن» وما بينهما تفسير للمعروف معترض بين المعطوف والمعطوف عليه أي وعلى وارث الصبي عند عدم الأب «مثل ذلك» أي مثل الذي كان على أبيه في حياته من الرزق والكسوة. واختلف فيه؛ فعند ابن أبي ليلى: كل من ورثه، وعندنا: من كان ذا رحم محرم منه لقراءة ابن مسعود رضي الله عنه «وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك»، وعند الشافعيرحمه الله : لا نفقة فيما عدا الولاد. { فَإِنْ أَرَادَا } يعني الأبوين { فِصَالاً } فطاماً صادراً { عَن تَرَاضٍ مّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ } بينهما { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } في ذلك زادا على الحولين أو نقصا، وهذه توسعة بعد التحديد، والتشاور استخراج الرأي من شرت العسل إذا استخرجته، وذكره ليكون التراضي عن تفكر فلا يضر الرضيع، فسبحان الذي أدب الكبير ولم يهمل الصغير واعتبر اتفاقهما، لأن للأب النسبة والولاية وللأم الشفقة والعناية. { وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ } أي لأولادكم عن الزجاج. وقيل: استرضع منقول من أرضع، يقال أرضعت المرأة الصبي واسترضعتها الصبي معدّى إلى مفعولين أي أن تسترضعوا المراضع أولادكم فحذف أحد المفعولين يعني غير الأم عند إبائها أو عجزها { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم } إلى المراضع { مَّا ءاتَيْتُم } ما أردتم إيتاءه من الأجرة. أتيتم مكي من أتى إليه إحساناً إذا فعله ومنه قوله
{ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } [مريم: 61] أي مفعولاً، والتسليم ندب لا شرط للجواز { بِٱلْمَعْرُوفِ } متعلق بـ «سلمتم» أي سلمتم الأجرة إلى المراضع بطيب نفس وسرور { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا تخفى عليه أعمالكم فهو يجازيكم عليها. { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ } تقول توفيت الشيء واستوفيته إذا أخذته وافياً تاماً أي تستوفى أرواحهم { وَيَذَرُونَ } ويتركون { أَزْوٰجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ } أي وزوجات الذين يتوفون منكم يتربصن أي يعتددن، أو معناه يتربصن بعدهم بأنفسهن فحذف بعدهم للعلم به. وإنما احتيج إلى تقديره لأنه لا بد من عائد يرجـع إلى المبتدأ في الجملة التي وقعت خبراً. «يتوفون»: المفضل أي يستوفون آجالهم { أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } أي وعشر ليال والأيام داخلة معها ولا يستعمل التذكير فيه ذهاباً إلى الأيام تقول صمت عشراً ولو ذكرت لخرجت من كلامهم { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } فإذا انقضت عدتهن { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أيها الأئمة والحكام { فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ } من التعرض للخاطب { بِٱلْمَعْرُوفِ } بالوجه الذي لا ينكره الشرع { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } عالم بالبواطن. { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِسَاء } الخطبة الاستنكاح، والتعريض أن تقول لها إنك لجميلة أو صالحة ومن غرضي أن أتزوج ونحو ذلك من الكلام الموهم أنه يريد نكاحها حتى تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه، ولا يصرح بالنكاح فلا يقول إني أريد أن أتزوجك. والفرق بين الكناية والتعريض أن الكناية أن تذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له، والتعريض أن تذكر شيئاً تدل به على شيء لم تذكره كما يقول المحتاج للمحتاج إليه جئتك: لأسلم عليك ولأنظر إلى وجهك الكريم، ولذلك قالوا:
وحسبك بالتسليم مني تقاضيا
فكأنه إمالة الكلام إلى غرض يدل على الغرض { أَوْ أَكْنَنتُمْ فِى أَنفُسِكُمْ } أو سترتم وأضمرتم في قلوبكم فلم تذكروه بألسنتكم لا معرضين ولا مصرحين { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } لا محالة ولا تنفكون عن النطق برغبتكم فيهن فاذكروهن { وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّا } جماعة لأنه مما يسر أي لا تقولوا في العدة إني قادر على هذا العمل { إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا } وهو أن تعرضوا ولا تصرحوا.و«إلا» متعلق بـ «لا تواعدوهن» أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة { وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ ٱلنّكَاحِ } من عزم الأمر وعزم عليه. وذكر العزم مبالغة في النهي عن عقد النكاح لأن العزم على الفعل يتقدمه فإذا نهى عنه كان عن الفعل أنهى، ومعناه ولا تعزموا عقد عقدة النكاح، أو ولا تقطعوا عقدة النكاح لأن حقيقة العزم القطع ومنه الحديث
"لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل" وروي لمن لم يبيت الصيام أي ولا تعزموا على عقدة النكاح { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَـٰبُ أَجَلَهُ } حتى تنقضي عدتها. وسميت العدة كتاباً لأنها فرضت بالكتاب يعني حتى يبلغ التربص المكتوب عليها أجله أي غايته { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ } من العزم على ما لا يجوز { فَٱحْذَرُوهُ } ولا تعزموا عليه { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } لا يعاجلكم بالعقوبة. ونزل فيمن طلق امرأته ولم يكن سمى لها مهراً ولا جامعها { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } لا تبعة عليكم من إيجاب مهر { إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنّسَاءَ } شرط، ويدل على جوابه «لا جناح عليكم» والتقدير: إن طلقتم النساء فلا جناح عليكم { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } ما لم تجامعوهن، و«ما» شرطية أي إن لم تمسوهن «تماسوهن»: حمزة وعلي حيث وقع لأن الفعل واقع بين اثنين { أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً } إلا أن تفرضوا لهن فريضة أو حتى تفرضوا، وفرض الفريضة تسمية المهر وذلك أن المطلقة غير الموطوءة لها نصف المسمى إن سمى لها مهر، وإن لم يسم لها مهر فليس لها نصف مهر المثل بل تجب المتعة، والدليل على أن الجناح تبعة المهر قوله «وإن طلقتموهن» إلى قوله «فنصف ما فرضتم» فقوله «فنصف ما فرضتم» إثبات للجناح المنفي ثمة { وَمَتِّعُوهُنَّ } معطوف على فعل محذوف تقديره فطلقوهن ومتعوهن. والمتعة درع وملحفة وخمار { عَلَى ٱلْمُوسِعِ } الذي له سعة { قَدَرُهُ } مقداره الذي يطيقه. قدره فيهما: كوفي غير أبي بكر وهما لغتان { وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ } الضيق الحال. { قَدَرُهُ } ولا تجب المتعة عندها إلا لهذه وتستحب لسائر المطلقات { مَّتَـٰعًا } تأكيد لمتعوهن أي تمتيعاً { بِٱلْمَعْرُوفِ } بالوجه الذي يحسن في الشرع والمروءة { حَقّاً } صفة لـ «متاعاً» أي متاعاً واجباً عليهم أو حق ذلك حقاً { عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } على المسلمين، أو على الذين يحسنون إلى المطلقات بالتمتيع. وسماهم قبل الفعل محسنين كقوله عليه السلام «من قتل قتيلاً فله سلبه» وليس هذا الإحسان هو التبرع بما ليس عليه إذ هذه المتعة واجبة.
ثم بين حكم التي سمى لها مهراً في الطلاق قبل المس فقال { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } «أن» مع الفعل بتأويل المصدر في موضع الحر أي من قبل مسكم إياهن { وَقَدْ فَرَضْتُمْ } في موضع الحال { لَهُنَّ فَرِيضَةً } مهراً { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلاَّ أَن يَعْفُونَ } يريد المطلقات. و «أن» مع الفعل في موضع النصب على الاستثناء كأنه قيل: فعليكم نصف ما فرضتم في جميع الأوقات إلا وقت عفوهن عنكم من المهر. والفرق بين الرجال «يعفون» «والنساء «يعفون» أن الواو في الأول ضميرهم والنون علم الرفع، والواو في الثاني لام الفعل والنون ضميرهن، والفعل مبني لا أثر في لفظه للعامل { أَوْ يَعْفُوَاْ } عطف على محله { ٱلَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنّكَاحِ } هو الزوج كذا فسره علي رضي الله عنه وهو قول سعيد ابن جبير وشريح ومجاهد وأبي حنيفة والشافعي على الجديد رضي الله عنهم، وهذا لأن الطلاق بيده فكان بقاء العقد بيده، والمعنى أن الواجب شرعاً هو النصف إلا أن تسقط هي الكل أو يعطي هو الكل تفضلاً، وعند مالك والشافعي في القديم هو الولي. قلنا: هو لا يملك التبرع بحق الصغيرة فكيف يجوز حمله عليه؟ { وَأَن تَعْفُواْ } مبتدأ خبره { أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } والخطاب للأزواج والزوجات على سبيل التغليب ذكره الزجاج أي عفو الزوج بإعطاء كل المهر خير له، وعفو المرأة بإسقاط كله خير لها أو للأزواج { وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ } التفضل { بَيْنِكُمْ } أي ولا تنسوا أن يتفضل بعضكم على بعض { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكم على تفضلكم.
{ حَـٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوٰتِ } داوموا عليها بمواقيتها وأركانها وشرائطها { وٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ } بين الصلوات أي الفضلى من قولهم للأفضل الأوسط. وإنما أفردت وعطفت على الصلوات لانفرادها بالفضل. وهي صلاة العصر عند أبي حنيفةرحمه الله وعليه الجمهور لقوله عليه السلام يوم الأحزاب
" شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم ناراً " وقال عليه السلام " إنها الصلاة التي شغل عنها سليمان حتى توارت بالحجاب" وفي مصحف حفصة «والصلاة الوسطى صلاة العصر» ولأنها بين صلاتي الليل وصلاتي النهار، وفضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم. وقيل: صلاة الظهر لأنها في وسط النهار، أو صلاة الفجر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل، أو صلاة الغرب لأنها بين الأربع والمثنى، ولأنها بين صلاتي مخافتة وصلاتي جهر، أو صلاة العشاء لأنها بين وترين، أو هي غير معينة كليلة القدر ليحفظوا الكل. { وَقُومُواْ لِلَّهِ } في الصلاة { قَـٰنِتِينَ } حال أي مطيعين خاشعين أو ذاكرين الله في قيامكم. والقنوت أن تذكر الله قائماً أو مطيلين القيام { فَإِنْ خِفْتُمْ } فإن كان بكم خوف من عدو أو غيره { فَرِجَالاً } حال أي فصلوا راجلين وهو جمع راجل كقائم وقيام { أَوْ رُكْبَانًا } وحداناً بإيماء ويسقط عنه التوجه إلى القبلة { فَإِذَا أَمِنتُمْ } فإذا زال خوفكم { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } فصلوا صلاة الأمن { كَمَا عَلَّمَكُم } أي ذكراً مثل ما علمكم { مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } من صلاة الأمن. { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم } بالنصب شامي وأبو عمرو وحمزة وحفص أي فليوصوا وصية عن الزجاج. غيرهم بالرفع أي فعليهم وصيةٌ { مَّتَـٰعًا } نصب بالوصية لأنها مصدر أو تقديره متعوهن متاعاً { إِلَى ٱلْحَوْلِ } صفة لـ «متاعاً» { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } مصدر مؤكد كقولك «هذا القول غير ما تقول»، أو بدل من «متاعاً» والمعنى أن حق الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يحتضروا بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولاً كاملاً أي ينفق عليهن من تركته ولا يخرجن من مساكنهن، وكان ذلك مشروعاً في أول الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى:
{ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا } إلى قوله { { أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } } والناسخ متقدم عليه تلاوة ومتأخر نزولاً كقوله تعالى: { { سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَاء مِنَ ٱلنَّاسِ } [البقرة: 142]. مع قوله تعالى: { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَاء } [البقرة: 144]. { فَإِنْ خَرَجْنَ } بعد الحول { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ } من التزين والتعرض للخطاب { مِن مَّعْرُوفٍ } مما ليس بمنكر شرعاً { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } فيما حكم.