التفاسير

< >
عرض

تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى
٤
ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ
٥
لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ
٦
وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى
٧
ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ
٨
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
٩
-طه

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ تَنْزِيلاً } بدل من { تَذْكِرَةٌ } إذا جعل حالاً ويجوز أن ينتصب بـ «نزل» مضمراً أو على المدح أو بـ { يَخْشَىٰ } مفعولاً أي أنزله الله تذكرة لمن يخشى تنزيل الله { مّمَّنْ خَلَق ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَـٰوٰتِ } { مِنْ } يتعلق بـ { تَنْزِيلاً } صلة له { ٱلْعُلَى } جمع العليا تأنيث الأعلى ووصف السماوات بالعلى دليل ظاهر على عظم قدرة خالقها { ٱلرَّحْمَـٰنُ } رفع على المدح أي هو الرحمن { عَلَى ٱلْعَرْشِ } خبر مبتدأ محذوف { ٱسْتَوَىٰ } استولى. عن الزجاج، ونبه بذكر العرش وهو أعظم المخلوقات على غيره. وقيل: لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك مما يردف الملك جعلوه كناية عن الملك فقال استوى فلان على العرش أي ملك وإن لم يقعد على السرير ألبتة وهذا كقولك «يد فلان مبسوطة» أي جواد وإن لم يكن له يد رأساً، والمذهب قول علي رضي الله عنه: الاستواء غير مجهول والتكييف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة لأنه تعالى كان ولا مكان فهو على ما كان قبل خلق المكان لم يتغير عما كان.

{ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } خبر ومبتدأ ومعطوف { وَمَا بَيْنَهُمَا } أي ذلك كله ملكه { وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } ما تحت سبع الأراضين أو هو الصخرة التي تحت الأرض السابعة { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ } ترفع صوتك { فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسّرَّ } ما أسررته إلى غيرك { وَأَخْفَى } منه وهو ما أخطرته ببالك أو ما أسررته في نفسك وما ستسره فيها { ٱللَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ } أي هو واحد بذاته وإن افترقت عبارات صفاته رد لقولهم إنك تدعو آلهة حين سمعوا أسماءه تعالى والحسنى تأنيث الأحسن.

{ وَهَلْ } أي وقد { أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } خبره قفاه بقصة موسى عليه السلام ليتأسى به في تحمل أعباء النبوة بالصبر على المكاره ولينال الدرجة العليا كما نالها موسى.