التفاسير

< >
عرض

قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٥٦
وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ
٥٧
فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ
٥٨
قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٥٩
قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ
٦٠
قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ
٦١
-الأنبياء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِى فطَرَهُنَّ } أي التماثيل فأنى يعبد المخلوق ويترك الخالق{ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ } المذكور في التوحيد شاهد { من الشاهدين وتالله } أصله «والله» وفي التاء معنى التعجب من تسهيل الكيد على يده مع صعوبته وتعذره لقوة سلطة نمروذ.

{ لاكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُمْ } لأكسرنها { بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } بعد ذهابكم عنها إلى عيدكم، قال ذلك سراً من قومه فسمعه رجل واحد فعرض بقوله { إِنّى سَقِيمٌ } [الصافات: 89] أي سأسقم ليتخلف. فرجع إلى بيت الأصنام { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً } قطعاً من الجذ وهو القطع جمع جذاذة كزجاجة وزجاج جذاذ بالكسر: علي، جمع جذيذ أي مجذوذ كخفيف وخفاف { إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ } للأصنام أو للكفار أي فكسرها كلها بفأس في يده إلا كبيرها فعلق الفأس في عنقه { لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ } إلى الكبير { يَرْجِعُونَ } فيسألونه عن كاسرها فتبين لهم عجزه، أو إلى إبراهيم ليحتج عليهم، أو إلى الله لما رأوا عجز آلتهم { قَالُواْ } أي الكفار حين رجعوا من عيدهم ورأوا ذلك { مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـئَالِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي إن من فعل هذا الكسر لشديد الظلم لجراءته على الآلهة الحقيقة عندهم بالتوقير والتعظيم { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرٰهِيمُ } الجملتان صفتان لـــــ { فتى } إلا أن الأول وهو { يذكرهم } أي يعيبهم لا بد منه للسمع لأنك لا تقول «سمعت زيداً» وتسكت حتى تذكر شيئاً مما يسمع بخلاف الثاني. وارتفاع { إبراهيم } بأنه فاعل { يقال } فالمراد الاسم المسمى أي الذي يقال له هذا الاسم { قَالُواْ } أي نمروذ وأشراف قومه { فَأْتُواْ بِهِ } أحضروا إبراهيم { عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ } في محل الحال بمعنى معايناً مشاهداً أي بمرأى منهم ومنظر { لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } عليه بما سمع منه أو بما فعله كأنهم كرهوا عقابه بلا بينة أو يحضرون عقوبتنا له.