التفاسير

< >
عرض

مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ
٦
وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٧
وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ
٨
ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ
٩
-الأنبياء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ مَا ءامَنَتْ قَبْلَهُمْ مِن قَرْيَةٍ } من أهل قرية { أَهْلَكْنَـٰهَا } صفة لـــــ { قرية } عند مجيء الآيات المقترحة لأنهم طلبوها تعنتاً { أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } أي أولئك لم يؤمنوا بالآيات لما أتتهم أفيؤمن هؤلاء المقترحون لو أتيناهم بما اقترحوا مع أنهم أعني منهم، والمعنى أن أهل القرى اقترحوا على أنبيائهم الآيات وعاهدوا أنهم يؤمنون عندها فلما جاءتهم نكثوا وخالفوا فأهلكهم الله فلو أعطينا هؤلاء ما يقترحون لنكثوا أيضاً.

{ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً } هذا جواب قولهم هل هذا إلا بشر مثلكم { نُّوحِى إِلَيْهِمْ } { نُوحِى } حفص { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ } العلماء بالكتابين فإنهم يعرفون أن الرسل الموحى إليهم كانوا بشراً ولم يكونوا ملائكة وكان أهل مكة يعتمدون على قولهم { إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } ذلك. ثم بين أنه كمن تقدمه من الأنبياء بقوله { وَمَا جَعَلْنَـٰهُمْ جَسَداً } وحد الجسد لإرادة الجنس { لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ } صفة لـــــ { جسداً } يعني وما جعلنا الأنبياء قبله ذوي جسد غير طاعمين { وَمَا كَانُواْ خَـٰلِدِينَ } كأنهم قالوا هلا كان ملكاً لا يطعم ويخلد، إما معتقدين أن الملائكة لا يموتون أو مسمين بقاءهم الممتد وحياتهم المتطاولة خلودا{ ثُمَّ صَدَقْنَـٰهُمُ ٱلْوَعْدَ } بإنجائهم والأصل في الوعد مثل { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [الأعراف: 155] أي من قومه { فَأَنجَيْنَـٰهُمْ } مما حل بقومهم { وَمَن نَّشَاء } هم المؤمنون { وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } المجاوزين الحد بالكفر ودل الإخبار بإهلاك المسرفين على أن من نشاء غيرهم

.