{ إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } لأمة الملة وهذه إشارة إلى ملة الإسلام وهي ملة جميع الأنبياء. و { أُمَّةً وَاحِدَةً } حال أي متوحدة غير متفرقة والعالم ما دل عليه اسم الإشارة أي أن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها يشار إليها ملة واحدة غير مختلفة { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ } أي ربيتكم اختياراً فاعبدوني شكراً وافتخاراً والخطاب للناس كافة.
{ وَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } أصل الكلام وتقطعتم إلا أن الكلام صرف إلى الغيبة على طريقة الالتفات، والمعنى وجعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعاً وصاروا فرقاً وأحزاباً. ثم توعدهم بأن هؤلاء الفرق المختلفة { كُلٌّ إِلَيْنَا رٰجِعُونَ } فنجازيهم على أعمالهم { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } شيئاً { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } بما يجب الإيمان به { فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ } أي فإن سعيه مشكور مقبول والكفران مثل في حرمان الثواب كما أن الشكر مثل في إعطائه وقد نفى نفي الجنس ليكون أبلغ { وَإِنَّا لَهُ } للسعي أي الحفظة بأمرنا { كَـٰتِبُونَ } في صحيفة عمله فنثيبه به { وَحَرَامٌ } { وحرم } كوفي غير حفص وخلف وهما لغتان كحل وحلال وزناً وضده معنى والمراد بالحرام الممتنع وجوده { عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } والمعنى ممتنع على مهلك غير ممكن أن لا يرجع إلى الله بالبعث، أو حرام على قرية أهلكناها أي قدرنا إهلاكهم أو حكمنا بإهلاكهم ذلك وهو المذكور في الآية المتقدمة من العمل الصالح والسعي المشكور غير المكفور أنهم لا يرجعون من الكفر إلى الإسلام.
{ حَتَّىٰ } هي التي يحكى بعدها الكلام والكلام المحكي الجملة من الشرط والجزاء أعني { إِذَا } و «ما» في حيزما { فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ } أي فتح سدهما فحذف المضاف كما حذف المضاف إلى قرية { فتّحت }: شامي وهما قبيلتان من جنس الإنس. يقال: الناس عشرة أجزاء تسعة منها يأجوج ومأجوج { وَهُمْ } راجع إلى الناس المسوقين إلى المحشر. وقيل: هم يأجوج ومأجوج يخرجون حين يفتح السد { مّن كُلّ حَدَبٍ } نشز من الأرض أي ارتفاع { يَنسِلُونَ } يسرعون