التفاسير

< >
عرض

فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ
٧
وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
٨
وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
٩
أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ
١٠
ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١١
وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ
١٢
-المؤمنون

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَاء ذٰلِكَ } طلب قضاء شهوة من غير هذين { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } الكاملون في العدوان وفيه دليل تحريم المتعة والاستمتاع بالكف لإرادة الشهوة { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ } { لأمانتهم } مكي وسهل. سمي الشيء المؤتمن عليه والمعاهد عليه أمانة وعهداً ومنه قوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا } [النساء: 58] وإنما تؤدى العيون لا المعاني والمراد به العموم في كل ما ائتمنوا عليه وعوهدوا من جهة الله عز وجل ومن جهة الخلق { رٰعُونَ } حافظون والراعي القائم على الشيء بحفظ وإصلاح كراعي الغنم.

{ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ } { صَلاَتِهِمْ } كوفي غير أبي بكر { يُحَافِظُونَ } يداومون في أوقاتها. وإعادة ذكر الصلاة لأنها أهم، ولأن الخشوع فيها غير المحافظة عليها، أو لأنها وحدت أولاً ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أية صلاة كانت، وجمعت آخراً ليفاد المحافظة على أنواعها من الفرائض والواجبات والسنن والنوافل { أُوْلَـٰئِكَ } الجامعون لهذه الأوصاف { هُمُ ٱلْوٰرِثُونَ } الأحقاء بأن يسموا ورّاثاً دون من عداهم. ثم ترجم الوارثون بقوله { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ } من الكفار في الحديث "ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار، فإن مات ودخل الجنة ورث أهل النار منزله، وإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله" { ٱلْفِرْدَوْسِ } هو البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر. وقال قطرب: هو أعلى الجنان { هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } أنث الفردوس بتأويل الجنة.

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } أي آدم { مِن سُلَـٰلَةٍ } «من» للابتداء والسلالة الخلاصة لأنها تسل من بين الكدر. وقيل: إنما سمى التراب الذي خلق آدم منه سلالة لأنه سل من كل تربة { مِن طِينٍ } «من» للبيان كقوله { { مِنَ ٱلأوْثَـٰنِ } [الحج: 30]