التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ
٣
وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ
٤
وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
٥
إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
٦
-المؤمنون

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } اللغو كل كلام ساقط حقه أن يلغى كالكذب والشتم والهزل يعني أن لهم من الجد ما شغلهم عن الهزل. ولما وصفهم بالخشوع في الصلاة أتبعه الوصف بالإعراض عن اللغو ليجمع لهم الفعل والترك الشاقين على الأنفس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف.

{ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـوٰةِ فَـٰعِلُونَ } مؤدون ولفظ { فاعلون } يدل على المداومة بخلاف «مؤدون». وقيل: الزكاة اسم مشترك يطلق على العين وهو القدر الذي يخرجه المزكي من النصاب إلى الفقير، وعلى المعنى وهو فعل المزكي الذي هو التزكية وهو المراد هنا، فجعل المزكين فاعلين له لأن لفظ الفعل يعم جميع الأفعال كالضرب والقتل ونحوهما. تقول للضارب والقاتل والمزكي فعل الضرب والقتل والتزكية، ويجوز أن يراد بالزكاة العين ويقدر مضاف محذوف وهو الأداء، ودخل اللام لتقدم المفعول وضعف اسم الفاعل في العمل فإنك تقول «هذا ضارب لزيد» ولا تقول «ضرب لزيد» { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ } الفرج يشمل سوءة الرجل والمرأة { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوٰجِهِمْ } في موضع الحال أي إلا والين على أزواجهم أو قوامين عليهن من قولك «كان زياد على البصرة» أي والياً عليها. والمعنى أنهم لفروجهم حافظون في جميع الأحوال إلا في حال تزوجهم أو تسريهم، أو تعلق «على» بمحذوف يدل عليه غير ملومين كأنه قيل: يلامون إلا على أزواجهم أي يلامون على كل مباشرة إلا على ما أطلق لهم فإنهم غير ملومين عليه. وقال الفراء: إلا من أزواجهم أي زوجاتهم { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ } أي إمائهم ولم يقل «من» لأن المملوك جرى مجرى غير العقلاء ولهذا يباع كما تباع البهائم { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } أي لا لوم عليهم إن لم يحفظوا فروجهم عن نسائهم وإمائهم