التفاسير

< >
عرض

لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ
٦٥
قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ
٦٦
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ
٦٧
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ ٱلأَوَّلِينَ
٦٨
أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
٦٩
أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
٧٠
-المؤمنون

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ لاَ تَجْـئَرُواْ ٱلْيَوْمَ } فإن الجؤار غير نافع لكم { إِنَّكُمْ مّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } أي من جهتنا لا يلحقكم نصر أو معونة.

{ قَدْ كَانَتْ ءايَـتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } أي القرآن { فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِكُمْ تَنكِصُونَ } ترجعون القهقرى والنكوص أن يرجع القهقرى وهو أقبح مشية لأنه لا يرى ما وراءه

{ مُسْتَكْبِرِينَ } متكبرين على المسلمين حال من { تنكصون } { بِهِ } بالبيت أو بالحرم لأنهم يقولون لا يظهر علينا أحد لأنا أهل الحرم، والذي سوغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت أو بـــــ { آياتي } لأنها في معنى كتابي، ومعنى استكبارهم بالقرآن تكذيبهم به استكباراً. ضمن مستكبرين معنى مكذبين فعدي تعديته أو يتعلق الباء بقوله { سَـٰمِراً } تسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه، وكانوا يجتمعون حول البيت يسمرون وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته شعراً وسحراً. والسامر نحو الحاضر في الإطلاق على الجمع وقرىء { سمّارا }. أو بقوله { تَهْجُرُونَ } وهو من الهجر الهذيان { تهجرون }: نافع من أهجر في منطقه إذا فحش { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ } أفلم يتدبروا القرآن ليعلموا أنه الحق المبين فيصدقوا به وبمن جاء به { أم جَآءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ ءابَاءهُمُ ٱلأَوَّلِينَ } بل أجاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين فلذلك أنكروه واستبدعوه { أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ } محمداً بالصدق والأمانة ووفور العقل وصحة النسب وحسن الأخلاق أي عرفوه بهذه الصفات { فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } بغياً وحسداً { أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } جنون وليس كذلك لأنهم يعلمون أنه أرجحهم عقلاً وأثقبهم ذهناً { بَلْ جَاءهُمْ بِٱلْحَقّ } الأبلج والصراط المستقيم وبما خالف شهواتهم وأهواءهم وهو التوحيد والإسلام ولم يجدوا له مرداً ولا مدفعاً فلذلك نسبوه إلى الجنون { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كَـٰرِهُونَ } وفيه دليل على أن أقلهم ما كان كارهاً للحق بل كان تاركاً للإيمان به أنفة واستنكافاً من توبيخ قومه وأن يقولوا صبأ وترك دين آبائه كأبي طالب.