التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٦
وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ
٤٧
وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ
٤٨
وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ
٤٩
-النور

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ لَّقَدْ أَنزَلْنَا ءايَـٰتٍ مُّبَيّنَـٰتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِى مَن يَشَاء } بلطفه ومشيئته { إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } إلى دين الإسلام الذي يوصل إلى جنته والآيات لإلزام حجته لما ذكر إنزال الآيات، ذكر بعدها افتراق الناس إلى ثلاث فرق: فرقة صدقت ظاهراً وكذبت باطناً وهم المنافقون، وفرقة صدقت ظاهراً وباطناً وهم المخلصون، وفرقة كذبت ظاهراً وباطناً وهم الكافرون على هذا الترتيب. وبدأ بالمنافقين فقال: { وَيِقُولُونَ امَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ } بألسنتهم { وَأَطَعْنَا } الله والرسول { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ } يعرض عن الانقياد لحكم الله ورسوله { فَرِيقٌ مّنْهُمْ مّن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي من بعد قولهم آمنا بالله وبالرسول وأطعنا { وَمَا أُوْلَـئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } أي المخلصين وهو إشارة إلى القائلين آمنا، وأطعنا، لا إلى الفريق المتولي وحده. وفيه إعلام من الله بأن جميعهم منتفٍ عنهم الإيمان لاعتقادهم ما يعتقد هؤلاء والإعراض وإن كان من بعضهم فالرضا بالإعراض من كلهم.

{ وَإِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي إلى رسول الله كقولك «أعجبني زيد وكرمه» تريد كرم زيد { لِيَحْكُمَ } الرسول { بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } أي فاجأ من فريق منهم الإعراض نزلت في بشر المنافق وخصمه اليهودي حين اختصما في أرض فجعل اليهودي يجره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنافق إلى كعب بن الأشرف ويقول: إن محمداً يحيف علينا { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ } أي إذا كان الحق لهم على غيرهم { يَأْتُواْ إِلَيْهِ } إلى الرسول { مُذْعِنِينَ } حال أي مسرعين في الطاعة طلباً لحقهم لا رضا بحكم رسولهم. قال الزجاج: الإذعان الإسراع مع الطاعة. والمعنى أنهم لمعرفتهم أنه ليس معك إلا الحق المر والعدل البحث يمتنعون عن المحاكمة إليك إذا ركبهم الحق لئلا تنتزعه من أحداقهم بقضائك عليهم لخصومهم، وإن ثبت لهم حق على خصم أسرعوا إليك ولم يرضوا إلا بحكومتك لتأخذ لهم ما وجب لهم في ذمة الخصم