التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً
٥٤
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً
٥٥
وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً
٥٦
قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً
٥٧
-الفرقان

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَاء } أي النطفة { بَشَرًا } إنساناً { فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } أراد تقسيم البشر قسمين: ذوي نسب أي ذكوراً ينسب إليهم فيقال فلان بن فلان وفلانة بنت فلان، وذوات صهر أي إناثاً يصاهر بهن كقوله تعالى { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأنثَىٰ } } [القيامة: 39] { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } حيث خلق من النطفة الواحدة بشراً نوعين ذكراً وأنثى. وقيل: فجعله نسباً أي قرابة وصهراً مصاهرة يعني الوصلة بالنكاح من باب الأنساب لأن التواصل يقع بها وبالمصاهرة لأن التوالد يكون بهما { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ } إن عبدوه { وَلاَ يَضُرُّهُمْ } إن تركوه { وَكَانَ ٱلْكَـٰفِرُ عَلَىٰ رَبّهِ } على معصية ربه { ظَهِيرًا } معيناً ومظاهراً. وفعيل بمعنى مفاعل غير عزيز والظهير والمظاهر كالعوين والمعاون والمظاهرة المعاونة، والمعنى أن الكافر بعبادة الصنم يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الرحمن.

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشّرًا } للمؤمنين { وَنَذِيرًا } منذراً للكافرين

{ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } على التبليغ { مِنْ أَجْرٍ } جعل { إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبّهِ سَبِيلاً } والمراد إلا فعل من شاء واستثناؤه من الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال ما أطلب منك ثواباً على ما سعيت إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه، فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب ولكن صورة بصورة الثواب كأنه يقول: إن حفظت مالك اعتدّ حفظك بمنزلة الثواب لي ورضائي به كرضا المثاب بالثواب، ولعمري إنه عليه الصلاة والسلام مع أمته بهذا الصدد. ومعنى اتخاذهم إلى الله سبيلاً تقربهم إليه بالإيمان والطاعة أو بالصدقة والنفقة. وقيل: المراد لكن من شاء أن يتخذ بالإنفاق إلى رضاء ربه سبيلاً فليفعل. وقيل: تقديره لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجراً إلا اتخاذ المدعو سبيلاً إلى ربه بطاعته فذلك أجري لأن الله يأجرني عليه.