التفاسير

< >
عرض

إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً
٦٦
وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً
٦٧
-الفرقان

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ إنّها ساءت مستقرًّا ومقاماً } أي إن جهنم. و «ساءت» في حكم «بئست» وفيها ضمير مبهم يفسره { مستقراً } والمخصوص بالذم محذوف معناه ساءت مستقراً ومقاماً هي، وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم «إن» وجعلها خبراً لها، أو بمعنى أحزنت وفيها ضمير اسم «إن» و{ مستقراً } حال أو تمييز، ويصح أن يكون التعليلان متداخلين ومترادفن وأن يكونا من كلام الله تعالى وحكاية لقولهم.

{ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا } لم يجاوزوا الحد في النفقة أو لم يأكلوا للتنعم ولم يلبسوا للتصلف. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لم ينفقوا في المعاصي فالإسراف مجاوزة القدر. وسمع رجل رجلاً يقول: لا خير في الإسراف. فقال: لا إسراف في الخير، وقال عليه الصلاة والسلام "من منع حقاً فقد قتر ومن أعطى في غير حق فقد أسرف" { ولم يقتروا } بضم التاء كوفي، وبضم الياء وكسر التاء مدني وشامي، وبفتح الياء وكسر التاء مكي وبصري. والقتر والإقتار والتقتير والتضييق الذي هو نقيض الإسراف { وكان } إنفاقهم { بين ذلك } أي الإسراف والإقتار { قواماً } أي عدلاً بينهما فالقوام العدل بين الشيئين والمنصوبان أي { { بين ذلك قواماً } [الإسراء:29] خبران وصفهم بالقصد الذي هو بين الغلو والتقصير، وبمثله أمر عليه الصلاة والسلام { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } الآية. وسأل عبد الملك بن مروان عمر بن عبد العزيز عن نفقته حين زوجه ابنته فقال: الحسنة بين السيئتين. فعرف عبد الملك أنه أراد ما في هذه الآية. وقيل: أولئك أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام كانوا لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثيابهم للجمال والزينة ولكن لسد الجوعة وستر العورة ودفع الحر والقر. وقال عمر رضي الله عنه: كفى سرفاً أن لا يشتهي الرجل شيئاً إلا أكله.