التفاسير

< >
عرض

قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ
٢٩
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ
٣٠
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٣١
فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ
٣٢
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ
٣٣
قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
٣٤
-الشعراء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِى } أي غيري إلهاً { لأجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } أي لأجعلنك واحداً ممن عرفت حالهم في سجوني، وكان من عادته أن يأخذ من يريد سجنه فيطرحه في هوة ذاهبة في الأرض بعيدة العمق فرداً لا يبصر فيها ولا يسمع، فكان ذلك أشد من القتل. ولو قيل لأسجننك لم يؤد هذا المعنى وإن كان أخصر { قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ } الواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام أي أتفعل بي ذلك ولو جئتك { بِشَىء مُّبِينٍ } أي جائياً بالمعجزة { قَالَ فَأْتِ بِهِ } بالذي يبين صدقك { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } أن لك بينة وجواب الشرط مقدر أي فأحضره { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } ظاهر الثعبانية لا شيء يشبه الثعبان كما تكون الأشياء المزورة بالشعوذة والسحر. روي أن العصا ارتفعت في السماء قدر ميل ثم انحطت مقبلة إلى فرعون وجعلت تقول: يا موسى مرني بما شئت. ويقول فرعون: أسألك بالذي أرسلك إلا أخذتها، فأخذها فعادت عصا. { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِىَ بَيْضَاء لِلنَّـٰظِرِينَ } فيه دليل على أن بياضها كان شيئاً يجتمع النظارة على النظر إليه لخروجه عن العادة وكان بياضها نورياً. روي أن فرعون لما أبصر الآية الأولى قال: فهل غيرها فأخرج يده فقال لفرعون ما هذه؟ قال فرعون: يدك، فأدخلها في إبطه ثم نزعها ولها شعاع يكاد يغشي الأبصار ويسد الأفق { قَالَ } أي فرعون { لِلْمَلإِ حَوْلَهُ } هو منصوب نصبين نصب في اللفظ والعامل فيه ما يقدر في الظرف، ونصب في المحل وهو النصب على الحال من الملأ أي كائنين حوله والعامل فيه قال { إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ } بالسحر. ثم أغوى قومه على موسى بقوله