التفاسير

< >
عرض

وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ
٤٢
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٤٣
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٤٤
وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ
٤٥
-القصص

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ لَعْنَةٍ } ألزمناهم طرداً وإبعاداً عن الرحمة. وقيل: هو ما يلحقهم من لعن الناس إياهم بعدهم { وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } المطرودين المبعدين أو المهلكين المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون { ويوم } ظرف لـــــ { المقبوحين } { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } التوراة { بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأولَىٰ } قوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام { بَصَائِرَ لِلنَّاسِ } حال من { ٱلْكِتَـٰبِ } والبصيرة نور القلب الذي يبصر به الرشد والسعادة كما أن البصر نور العين الذي يبصر به الأجساد. يريد آتيناه التوراة أنواراً للقلوب لأنها كانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقاً من باطل { وَهُدَىٰ } وإرشاداً لأنهم كانوا يخبطون في ضلال { وَرَحْمَةً } لمن اتبعها لأنهم إذا عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يتعظون.

{ وَمَا كُنْتَ } يا محمد { بِجَانِبِ } الجبل { ٱلْغَرْبِىّ } وهو المكان الواقع في شق الغرب وهو الذي وقع فيه ميقات موسى { إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى ٱلأمْرَ } أي كلمناه وقربناه نجياً { وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } من جملة الشاهدين للوحي إليه حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى في ميقاته { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا } بعد موسى { قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } أي طالت أعمارهم وفترت النبوة وكادت الأخبار تخفى واندرست العلوم ووقع التحريف في كثير منها، فأرسلناك مجدداً لتلك الأخبار مبيناً ما وقع فيه التحريف، وأعطيناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى كأنه قال: وما كنت شاهداً لموسى وما جرى عليه ولكنا أوحيناه إليك، فذكر سبب الوحي هو إطالة الفترة ودل به على المسبب اختصاراً فإذا هذا الاستدراك شبيه الاستدراكين بعده { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } مقيماً { فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } وهم شعيب والمؤمنون به { تَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِنَا } تقرؤها عليهم تعلماً منهم يريد الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه. و { تَتْلُو } في موضع نصب خبر ثانٍ أو حال من الضمير في { ثاويا } { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها