التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ
١٠
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
١١
قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ
١٢
قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ
١٣
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ
١٤
قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
١٥
ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ
١٦
ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ
١٧
شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١٨
إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
١٩
فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠
-آل عمران

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } لا تملها عن الحق بخلق الميل في القلوب { بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } للعمل بالمحكم والتسليم للمتشابه { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } من عندك نعمة بالتوفيق والتثبيت { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } كثير الهبة، والآية من مقول الراسخين ويحتمل الاستئناف أي قولوها وكذلك التي بعدها وهي { رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ } أي تجمعهم لحساب يوم أو لجزاء يوم { لاَ رَيْبَ فِيهِ } لا شك في وقوعه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } الموعد. والمعنى أن الإلهية تنافي خلف الميعاد كقولك «إن الجواد لا يخيب سائله» أي لا يخلف ما وعد المسلمين والكافرين من الثواب والعقاب.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } برسول الله { لَن تُغْنِيَ } تنفع أو تدفع { عَنْهُمْ أَمْوٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلـٰدُهُم مّنَ ٱللَّهِ } من عذابه { شَيْئاً } من الأشياء { وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ } حطبها { كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } الدأب مصدر دأب في العمل إذا كدح فيه فوضع موضع ما عليه الإنسان من شأنه وحاله. والكاف مرفوع المحل تقديره دأب هؤلاء الكفرة في تكذيب الحق كدأب من قبلهم من آل فرعون وغيرهم، أو منصوب المحل بـ « لن تغني أي لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك. «كداب» بلا همز حيث كان: أبو عمرو. { كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا } تفسير لدأبهم مما فعلوا، أو فعل بهم على أنه جواب سؤال مقدر عن حالهم، ويجوز أن يكون حالاً أي قد كذبوا { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } بسبب ذنوبهم يقال أخذته بكذا أي جازيته عليه { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } شديد عقابه فالإضافة غير محضة { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } هم مشركو مكة { سَتُغْلَبُونَ } يوم بدر { وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } من الجهنام وهي بئر عميقة. وبالياء فيهما: حمزة وعلي { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } المستقر جهنم.

{ قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ } الخطاب لمشركي قريش { فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا } يوم بدر { فِئَةٌ تُقَـٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } وهم المؤمنون { وَأُخْرَىٰ } وفئة أخرى { كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مّثْلَيْهِمْ } يرى المشركون المسلمين مثلي عدد المشركين ألفين، أو مثلي عدد المسلمين ستمائة ونيفاً وعشرين، أراهم الله إياهم مع قلتهم أضعافهم ليهابوهم ويجبنوا عن قتالهم. «ترونهم» نافع أي ترون يا مشركي قريش المسلمين مثلي فئتكم الكافرة، أو مثلي أنفسهم. ولا يناقض هذا ما قال في سورة الأنفال { وَيُقَلّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ } [الأنفال: 44] لأنهم قللوا أولاً في أعينهم حتى اجترؤا عليهم، فلما اجتمعوا كثروا في أعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير في حالتين مختلفتين ونظيره من المحمول على اختلاف الأحوال { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْـئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ } [الرحمن: 39]. { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْؤولُونَ } [الصافات: 24]. وتقليلهم تارة وتكثيرهم أخرى في أعينهم أبلغ في القدرة وإظهار الآية. و«مثليهم» نصب على الحال لأنه من رؤية العين بدليل قوله { رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } يعني رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها { وَٱللَّهُ يُؤَيّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ } كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في أعين العدو { إِنَّ فِي ذَلِكَ } في تكثير القليل { لَعِبْرَةً } لعظة { لأُوْلِي ٱلأَبْصَـٰرِ } لذوي البصائر.

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ } المزين هو الله عند الجمهور للابتلاء كقوله: { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ } [الكهف: 7]. دليله قراءة مجاهد «زين للناس» على تسمية الفاعل. وعن الحسن: الشيطان { حُبُّ ٱلشَّهَوٰتِ } الشهوة توقان النفس إلى الشيء، جعل الأعيان التي ذكرها شهوات مبالغة في كونها مشتهاة، أو كأنه أراد تخسيسها بتسميتها شهوات إذ الشهوة مسترذلة عند الحكماء، مذموم من اتبعها، شاهد على نفسه بالبهيمية { مِّنَ ٱلنِّسَاءِ } والإماء داخلة فيها { وَٱلْبَنِينَ } جمع ابن وقد يقع في غير هذا الموضع على الذكور والإناث، وهنا أريد به الذكور فهم المشتهون في الطباع والمعدون للدفاع { وَٱلْقَنَـٰطِيرِ } جمع قنطار وهو المال الكثير. قيل: ملء مسك ثور أو مائة ألف دينار، ولقد جاء الإسلام وبمكة مائة رجل قد قنطروا { ٱلْمُقَنطَرَةِ } المنضدة أو المدفونة { مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ } سمي ذهباً لسرعة ذهابه بالإنفاق، وفضة لأنها تتفرق بالإنفاق والفض التفريق { وَٱلْخَيْلِ } سميت به لاختيالها في مشيها { ٱلْمُسَوَّمَةِ } المعلمة من السومة وهي العلامة أو المرعية من أسام الدابة وسومها { وَٱلأَنْعَـٰمِ } هي الأزواج الثمانية { وَٱلْحَرْثِ } الزرع { ذٰلِكَ } المذكور { مَّتَاعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يتمتع به في الدنيا { وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلْمَأَبِ } المرجـع.

ثم زهدهم في الدنيا فقال { قُلْ أَؤُنَبّئُكُمْ بِخَيْرٍ مّن ذٰلِكُمْ } من الذي تقدم { لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ عِندَ رَبّهِمْ جَنَّـٰتٌ } كلام مستأنف فيه دلالة على بيان ما هو خير من ذلكم، فـ «جَنات» مبتدأ «لَلذين اتقوا» خبره { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } صفة لـ «جنات»، ويجوز أن يتعلق اللام بـ «خير» واختص المتقين لأنهم هم المنتفعون به. ويرتفع «جنات» على هو جنات وتنصره قراءة من قرأ «جناتٍ» بالجر على البدل من «خير» { خَـٰالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوٰنٌ مّنَ ٱللَّهِ } أي رضا الله { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } عالم بأعمالهم فيجازيهم عليها أو بصير بالذين اتقوا وبأحوالهم فلذا أعد لهم الجنات.

{ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } نصب على المدح أو رفع أو جر صفة للمتقين أو للعباد { رَبَّنَا إِنَّنَا ءَامَنَّا } إجابة لدعوتك { فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } إنجازاً لوعدك { وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } بفضلك { ٱلصَّـٰبِرِينَ } على الطاعات والمصائب وهو نصب على المدح { وَٱلصَّـٰدِقِينَ } قولاً بإخبار الحق، وفعلاً بإحكام العمل، ونية بإمضاء العزم { وَٱلْقَـٰنِتِينَ } الداعين أو المطيعين { وَٱلْمُنـفِقِينَ } المتصدقين { وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ } المصلين أو طالبين المغفرة، وخص الأسحار لأنه وقت إجابة الدعاء، ولأنه وقت الخلوة. قال لقمان لابنه: يا بني لا يكن الديك أكيس منك ينادي بالأسحار وأنت نائم. والواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كمالهم في كل واحدة منها، وللإشعار بأن كل صفة مستقلة بالمدح.

{ شَهِدَ ٱللَّهُ } أي حكم أو قال { أَنَّهُ } أي بأنه { لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ } بما عاينوا من عظيم قدرته { وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ } أي الأنبياء والعلماء { قَائِمَاً بِٱلْقِسْطِ } مقيماً للعدل فيما يقسم من الأرزاق والآجال ويثيب ويعاقب، وما يأمر به عباده من إنصاف بعضهم لبعض والعمل على السوية فيما بينهم. وانتصابه على أنه حال مؤكدة من اسم الله تعالى أو من «هو»، وإنما جاز إفراده بنصب الحال دون المعطوفين عليه ولو قلت «جاء زيد وعمرو راكباً» لم يجز لعدم الإلباس فإنك لو قلت «جـاءني زيد وهند راكبا» جاز لتميزه بالذكورة أو على المدح. وكرر { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } للتأكيد { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } رفع على الاستئناف أي هو العزيز وليس بوصف لـ «هو» لأن الضمير لا يوصف يعني أنه العزيز الذي لا يغالب، الحكيم الذي لا يعدل عن الحق { إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ } جملة مستأنفة. وقرىء أن الدين على البدل من قوله أنه لا إله إلا هو أي شهد الله أن الدين عند الله الإسلام. قال عليه السلام " من قرأ الآية عند منامه خلق الله تعالى منها سبعين ألف خلق يستغفرون له إلى يوم القيامة، ومن قال بعدها: وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عند الله وديعة يقول الله تعالى يوم القيامة: إن لعبدي عندي عهداً وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة" { وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } أي أهل الكتاب من اليهود والنصارى، واختلافهم أنهم تركوا الإسلام وهو التوحيد فثلثت النصارى وقالت اليهود عزير بن الله { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ } أنه الحق الذي لا محيد عنه { بَغْياً بَيْنَهُمْ } أي ما كان ذلك الاختلاف إلا حسداً بينهم وطلباً منهم للرياسة وحظوظ الدنيا واستتباع كل فريق ناساً لا شبهة في الإسلام. وقيل: هو اختلافهم في نبوة محمد عليه الصلاة والسلام حيث آمن به بعض وكفر به بعض. وقيل: هم النصارى واختلافهم في أمر عيسى بعد ما جاءهم العلم أنه عبد الله ورسوله { وَمَن يَكْفُرْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ } بحججه ودلائله { فَإِنَّ ٱللَّهِ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } سريع المجازاة { فَإنْ حَاجُّوكَ } فإن جادلوك في أن دين الله الإسلام والمراد بهم وفد بني نجران عند الجمهور { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } أي أخلصت نفسي وجملتي لله وحده لم أجعل فيها لغيره شريكاً بأن أعبده وأدعو إلهاً معه، يعني أن ديني دين التوحيد وهو الدين القويم الذي ثبتت عندكم صحته كما ثبتت عندي وما جئت بشيء بديع حتى تجادلوني فيه ونحوه: { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَن لا نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } [آل عمران: 64]. فهو دفع للمحاجة بأن ما هو عليه ومن معه من المؤمنين هو اليقين الذي لا شك فيه فما معنى المحاجة فيه! { وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } عطف على التاء في «أسلمت» أي أسلمت أنا ومن أتبعني وحسن للفاصل، ويجوز أن يكون الواو بمعنى «مع» فيكون مفعولاً معه. «ومن اتبعني» في الحالين: سهل ويعقوب وافق أبو عمرو في الوصل. «وجهي»: مدني وشامي وحفص والأعشى والبرجمي. { وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } من اليهود والنصارى { وَٱلأُمِّيِّينَ } والذين لا كتاب لهم من مشركي العرب { ءَأَسْلَمْتُمْ } بهمزتين: كوفي، يعني أنه قد أتاكم من البينات ما يقتضي حصول الإسلام فهل أسلمتم أم أنتم بعد على كفركم؟ وقيل: لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الأمر أي أسلموا كقوله { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [المائدة: 91] أي انتهوا { فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } فقد أصابوا الرشد حيث خرجوا من الضلال إلى الهدى { وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ } أي لم يضروك فإنك رسول منبه ما عليك إلا أن تبلغ الرسالة وتنبه على طريق الهدى { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } فيجازيهم على إسلامهم وكفرهم.