التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٩
ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤأَىٰ أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ
١٠
-الروم

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } هو تقرير لسيرهم في البلاد ونظرهم إلى آثار المدمرين من عاد وثمود وغيرهم من الأمم العاتية. ثم وصف حالهم فقال { كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ } وحرثوها { وَعَمَرُوهَا } أي المدمرون { أَكْثَرَ } صفة مصدر محذوف. و«ما» مصدرية في { مِمَّا عَمَرُوهَا } أي من عمارة أهل مكة { وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَاتِ } وتقف عليها لحق الحذف أي فلم يؤمنوا فأهلكوا { فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } فما كان تدميره إياهم ظلماً لهم { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ولكنهم ظلموا أنفسهم حيث عملوا ما أوجب تدميرهم { ثُمَّ كَانَ عَـٰقِبَةَ } بالنصب: شامي وكوفي { ٱلَّذِينَ أَسَآوُاْ ٱلسَّوأىَ } تأنيث الأسوأ وهو الأقبح كما أن الحسنى تأنيث الأحسن، ومحلها رفع على أنها اسم «كان» عند من نصب { عَـٰقِبَةَ } على الخبر ونصب عند من رفعها، والمعنى أنهم عوقبوا في الدنيا بالدمار ثم كانت عاقبتهم السوأى، إلا أنه وضع المظهر وهو { الذين أساؤوا } موضع المضمر أي العقوبة التي هي أسوأ العقوبات في الآخرة وهي النار التي أعدت للكافرين { أَن كَذَّبُواْ } لأن كذبوا أو بأن وهو يدل على أن معنى أساؤوا كفروا { بآيات الله وكانوا بها يستهزئون } يعني ثم كان عاقبة الكافرين النار لتكذيبهم بآيات الله واستهزائهم بها