{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءوهُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } أي فآمن بهم قوم وكفر بهم قوم، ويدل على هذا الإضمار قوله { فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } أي كفروا بالإهلاك في الدنيا { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } أي وكان نصر المؤمنين حقاً علينا بإنجائهم مع الرسل. وقد يوقف على { حقاً } ومعناه وكان الانتقام منهم حقاً ثم يبدأ { علينا نصر المؤمنين } والأول أصح { ٱللَّهُ ٱلَّذِى يُرْسِلُ ٱلرّيَـٰحَ } { الريح } مكي { فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ } أي السحاب { فِى ٱلسَّمَاء } أي في سمت السماء وشقها كقوله
{ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَاء } [إبراهيم: 24] { كَيْفَ يَشَاء } من ناحية الشمال أو الجنوب أو الدبور أو الصبا { وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } قطعاً جمع كسفة أي يجعله منبسطاً يأخذ وجه السماء مرة ويجعله قطعاً متفرقة غير منبسطة مرة. { كسفا } يزيد وابن ذكوان { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ } المطر { يَخْرُجُ } في التارتين جميعاً { مِنْ خِلاَلِهِ } وسطه { فَإِذَا أَصَابَ بِهِ } بالودق { مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } يريد إصابة بلادهم وأراضيهم { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } يفرحون. { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ } المطر { مِن قَبْلِهِ } كرر للتأكيد كقوله:
{ فَكَانَ عَـٰقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِى ٱلنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } [الحشر: 17] ومعنى التوكيد فيها الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول فاستحكم بأسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك { لَمُبْلِسِينَ } آيسين { فَٱنظُرْ إِلَىٰ ءاثَـٰرِ } شامي وكوفي غير أبي بكر. وغيرهم { أَثَرِ } { رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } أي المطر { كَيْفَ يُحْيىِ ٱلأَرْضِ } بالنبات وأنواع الثمار { بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ } أي الله { لمحيي الموتى } يعني أن ذلك القادر الذي يحيـــــي الأرض بعد موتها هو الذي يحيـــــي الناس بعد موتهم، فهذا استدلال بإحياء الموات على إحياء الأموات { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } أي وهو على كل شيء من المقدورات قادر وهذا من جملة المقدورات بدليل الإنشاء.