التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ
٥١
فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ
٥٢
وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ
٥٣
-الروم

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا } أي الدبور { فَرَأَوْهُ } أي أثر رحمة الله لأن رحمة الله هي الغيث وأثرها النبات. ومن قرأ بالجمع رجع الضمير إلى معناه لأن معنى آثار الرحمة النبات واسم النبات يقع على القليل والكثير لأنه مصدر سمي به ما ينبت { مُصْفَـرّاً } بعد إخضراره. وقال { مصفرا } لأن تلك صفرة حادثة. وقيل: فرأوا السحاب مصفراً لأن السحاب الأصفر لا يمطر. واللام في { لئن } موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط، وسد مسد جوابي القسم والشرط { لَّظَلُّواْ } ومعناه ليظلن { مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } أي من بعد اصفراره أو من بعد الاستبشار، ذمهم الله تعالى بأنه إذا حبس عنهم المطر قنطوا من رحمته وضربوا أذقانهم على صدورهم مبلسين، فإذا أصابهم برحمته ورزقهم المطر استبشروا، فإذا أرسل ريحاً فضرب زروعهم بالصفار ضجوا وكفروا بنعمة الله فهم في جميع هذه الأحوال على الصفة المذمومة، وكان عليهم أن يتوكلوا على الله وفضله فقنطوا، وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها ففرحوا، وأن يصبروا على بلائه فكفروا. { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } أي موتى القلوب أو هؤلاء في حكم الموتى فلا تطمع أن يقبلوا منك { وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَاء } { ولا يسمع الصم } مكي { إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } فإن قلت: الأصم لا يسمع مقبلاً أو مدبراً، فما فائدة هذا التخصيص؟ قلت: هو إذا كان مقبلاً يفهم بالرمز بالإشارة فإذا ولى لا يسمع ولا يفهم بالإشارة { وَمَا أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْىِ } أي عمى القلوب، { وما أنت تهدى العمي } حمزة { عَن ضَلَـٰلَتِهِمْ } أي لا يمكنك أن تهدي الأعمى إلى طريق قد ضل عنه بإشارة منك له إليه { إِن تُسْمِعُ } ما تسمع { إلاَّ مَنْ يُؤمن بآياتنا فهم مسلمون } منقادون لأوامر الله تعالى.