{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } أي إنما يجيب دعاءك الذين يسمعون دعاءك بقلوبهم {وَٱلْمَوْتَىٰ } مبتدأ إي الكفار {يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } فحينئذ يسمعون وأما قبل ذلك فلا {وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ } هلا أنزل عليه {ءايَةٌ مّن رَّبّهِ } كما نقترح من جعل الصفا ذهباً وتوسيع أرض مكة وتفجير الأنهار خلالها {قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةً } كما اقترحوا {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } إن الله قادر على أن ينزل تلك الآية، أو لا يعلمون ما عليهم في الآية من البلاء لو أنزلت {وَمَا مِن دَابَّةٍ } هي اسم لما يدب وتقع على المذكر والمؤنث {فِي ٱلأَرْضِ } في موضع جر صفة لـ {دَابَّةٍ } {وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } قيد الطيران بالجناحين لنفي المجاز لأن غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع {إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَـٰلُكُمْ } في الخلق والموت والبعث والاحتياج إلى مدبر يدبر أمرها {مَّا فَرَّطْنَا } ما تركنا {فِي ٱلْكِتَـٰبِ } في اللوح المحفوظ {مِن شَيْءٍ } من ذلك لم نكتبه ولم نثبت ما وجب أن يثبت، أو الكتاب القرآن. وقوله {مِن شَيْءٍ } أي من شيء يحتاجون إليه فهو مشتمل على ما تعبدنا به عبارة وإشارة ودلالة واقتضاء {ثُمَّ إِلَىٰ رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ } يعني الأمم كلها من الدواب والطيور فينصف بعضها من بعض كما رُوي أنه يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول: كوني تراباً. وإنما قال {إِلاَّ أُمَمٌ } مع إفراد الدابة والطائر لمعنى الاستغراق فيهما. ولما ذكر من خلائقه وآثار قدرته ما يشهد لربوبيته وينادي على عظمته قال {وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـايَـٰتِنَا صُمٌّ } لا يسمعون كلام المنبه {وَبُكْمٌ } لا ينطقون بالحق خابطون {فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ } أي ظلمة الجهل والحيرة والكفر، غافلون عن تأمل ذلك والتفكر فيه. { صُمٌّ وَبُكْمٌ } خبر {ٱلَّذِينَ } ودخول الواو لا يمنع من ذلك، و {فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ } خبر آخر. ثم قال إيذاناً بأنه فعال لما يريد {مَن يَشَأْ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ } أي من يشأ الله ضلاله يضلله {وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وفيه دلالة خلق الأفعال وإرادة المعاصي ونفي الأصلح.
{قُلْ أَرَءَيتَكُم} وبتليين الهمزة: مدني، وبتركه: علي، ومعناه هل علمتم أن الأمر كما يقال لكم فأخبروني بما عندكم، والضمير الثاني لا محل له من الإعراب والتاء ضمير الفاعل ومتعلق الاستخبار محذوف تقديره أرأيتكم { إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } من تدعون. ثم بكتهم بقوله {أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } أي أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضر أم تدعون الله دونها {إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في أن الأصنام آلهة فادعوها لتخلصكم {بَلْ إِيَّـٰهُ تَدْعُونَ } بل تخصونه بالدعاء دون الآلهة {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ } أي ما تدعونه إلى كشفه {إِن شَاءَ } إن أراد أن يتفضل عليكم {وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } وتتركون آلهتكم، أو لا تذكرون آلهتكم في ذلك الوقت لأن أذهانكم مغمورة بذكر ربكم وحده إذ هو القادر على كشف الضر دون غيره، ويجوز أن يتعلق الاستخبار بقوله {أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } كأنه قيل: أرأيتكم أغير اللّه تدعون إن أتاكم عذاب اللّه.