التفاسير

< >
عرض

يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٨
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٩
وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
١٠
وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١١
-المنافقون

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا } من غزوة بني المصطلق { إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ } الغلبة والقوة { وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين وهم الأخصاء بذلك كما أن المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين. وعن بعض الصالحات وكانت في هيئة رثة: ألست على الإسلام وهو العز الذي لا ذل معه، والغني الذي لا فقر معه! وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رجلاً قال له: إن الناس يزعمون أن فيك تيهاً. قال: ليس بتيه ولكنه عزة وتلا هذه الآية { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ } لا تشغلكم { أَمْوٰلَكُمْ } والتصرف فيها والسعي في تدبير أمرها بالنماء وطلب النتاج { وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ } وسروركم بهم وشفقتكم عليهم والقيام بمؤنهم { عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي عن الصلوات الخمس أو عن القرآن { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } يريد الشغل بالدنيا عن الدين. وقيل: من يشتغل بتثمير أمواله عن تدبير أحواله وبمرضاة أولاده عن إصلاح معاده { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } في تجارتهم حيث باعوا الباقي بالفاني.

{ وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ } «من» للتبعيض والمراد بالإنفاق الواجب { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } أي من قبل أن يرى دلائل الموت ويعاين ما ييأس معه من الإمهال ويتعذر عليه الإنفاق { فَيَقُولُ رَبّ لَوْلا أَخَّرْتَنِى } هلا أخرت موتي { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } إلى زمان قليل { فَأَصَّدَّقَ } فأتصدق وهو جواب «لولا» { وَأَكُن مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } من المؤمنين. والآية في المؤمنين. وقيل: في المنافقين. { وأكون } أبو عمرو بالنصب عطفاً على اللفظ، والجزم على موضع { فَأَصَّدَّقَ } كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن { وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً } عن الموت { إِذَا جَاء أَجَلُهَا } المكتوب في اللوح المحفوظ { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } { يَعْمَلُونَ } حماد ويحيـى، والمعنى أنكم إذا علمتم أن تأخير الموت عن وقته مما لا سبيل إليه، وأنه هاجم لا محالة، وأن الله عليم بأعمالكم فمجاز عليها من منع واجب وغيره، لم يبق إلا المسارعة إلى الخروج عن عهدة الواجب والاستعداد للقاء الله تعالى، والله أعلم بالصواب.