التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٥
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٦
إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
١٧
عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١٨
-التغابن

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ إِنَّمَا أَمْوٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ } بلاء ومحنة لأنهم يوقعون في الإثم والعقوبة ولا بلاء أعظم منهما { وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } أي في الآخرة وذلك أعظم من منفعتكم بأموالكم وأولادكم. ولم يدخل فيه «من» كما في العداوة لأن الكل لا يخلو عن الفتنة وشغل القلب وقد يخلو بعضهم عن العداوة { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } جهدكم ووسعكم، قيل: هو تفسير لقوله { { حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران: 102] { وَٱسْمَعُواْ } ما توعظون به { وَأَطِيعُواْ } فيما تؤمرون به وتنهون عنه { وَأَنْفِقُواْ } في الوجوه التي وجبت عليكم النفقة فيها { خَيْراً لأَِنفُسِكُمْ } أي انفاقاً خيراً لأنفسكم. وقال الكسائي: يكن الإنفاق خيراً لأنفسكم والأصح أن تقديره ائتوا خيراً لأنفسكم وافعلوا ما هو خير لها، وهو تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر وبيان، لأن هذه الأمور خير لأنفسكم من الأموال والأولاد وما أنتم عاكفون عليه من حب الشهوات وزخارف الدنيا { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } أي البخل بالزكاة والصدقة الواجبة { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ * إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } بنية وإخلاص، وذكر القرض تلطف في الاستدعاء { يُضَـٰعِفْهُ لَكُمْ } يكتب لكم بالواحدة عشراً أو سبعمائة إلى ما شاء من الزيادة { وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ } يقبل القليل ويعطي الجزيل { حَلِيمٌ } يقيل الجليل من ذنب البخيل أو يضعف الصدقة لدافعها ولا يعجل العقوبة لمانعها { عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } أي يعلم ما استتر من سرائر القلوب { وَٱلشَّهَـٰدَةِ } أي ما انتشر من ظواهر الخطوب { ٱلْعَزِيزُ } المعز بإظهار العيوب { ٱلْحَكِيمُ } في الإخبار عن الغيوب، والله أعلم.