التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ
٧٤
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ بِآيَـٰتِنَا فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٧٥
فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ
٧٦
قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ
٧٧
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ
٧٨
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
٧٩
فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ
٨٠
-يونس

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ ثم بعثنا من بعده } يعني من بعد نوح { رسلاً إلى قومهم } لم يسم هنا من كان بعد نوح من الرسل وقد كان بعد نوح هود وصالح وغيرهما من الرسل { فجاؤوهم بالبينات } يعني بالدلالات الواضحات والمعجزات الباهرات التي تدل على صدقهم { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل } يعني أن أولئك الأقوام والأمم التي جاءتهم الرسل جروا على منهاج قوم نوح في التكذيب ولم يزجرهم ما جاءتهم به الرسل ولم يرجعوا عما هم فيه من الكفر والتكذيب { كذلك نطبع على قلوب المعتدين } يعني مثل إغراقنا قوم نوح بسبب تكذيبهم نوحاً كذلك نختم على قلوب من اعتدى وسلك سبيلهم في التكذيب.
قوله عز وجل: { ثم بعثنا من بعدهم } يعني من بعد الرسل { موسى وهارون إلى فرعون وملئه } يعني أشراف قومه { بآياتنا فاستكبروا } يعني عن الإيمان بما جاء به موسى وهارون { وكانوا قوماً مجرمين } يعني مستكسبين للإثم { فلما جاءهم الحق من عندنا } يعني فلما جاء فرعون وقومه الحق الذي جاء به موسى من عند الله { قالوا إن هذا لسحر مبين } يعني أن هذا الذي جاء به موسى سحر مبين يعرفه كل أحد { قال موسى أتقولون للحق لمَّا جاءكم أسحر هذا } فيه حذف تقديره أتقولون للحق لما جاءكم هو سحر أسحر هذا فحذف السحر الأول اكتفاء بدلالة الكلام عليه ثم قال أسحر هذا وهو استفهام على سبيل الإنكار يعني أنه ليس بسحر ثم احتج على صحة قوله فقال { ولا يفلح الساحرون } يعني حاصل السحر تمويه وتخييل وصاحب ذلك لا يفلح أبداً { قالوا } يعني قال قوم فرعون لموسى { أجئتنا لتلفتنا } يعني لتصرفنا وتلوينا { عما وجدنا عليه آباءنا } يعني من الدين { وتكون لكما الكبرياء } يعني الملك والسلطان { في الأرض } يعني في أرض مصر والخطاب لموسى وهارون.
قال الزجاج: سمي الملك كبرياء لأنه أكبر ما يطلب من أمر الدنيا { وما نحن لكما بمؤمنين } يعني بمصدقين { وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم } يعني أن فرعون أراد أن يعارض معجزة موسى بأنواع من التلبيس أن ما أتى به موسى سحر { فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون } إنما أمرهم موسى بإلقاء ما معهم من الحبال والعصي التي فيها سحرهم ليظهر الحق ويبطل الباطل ويتبين أن ما أتوا به فاسد.