التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ
٢٨
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ
٢٩
وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ
٣٠
قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ
٣١
-إبراهيم

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عز وجل: { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً } (خ) عن ابن عباس في قوله: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً؟ قال: هم كفار مكة وفي رواية هم والله كفار قريش. قال عمر: هم قريش ونعمة الله هو محمد صلى الله عليه وسلم { وأحلوا قومهم دار البوار } قال البوار: يوم بدر وعن علي رضي الله عنه قال هم كفار قريش فجروا يوم بدر، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الأفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أمية أما بنو المغيرة فقد كفيتموهم يوم بدر، وأما بنو أمية فقد متعوا إلى حين فقوله بدلوا نعمة الله كفراً معناه أن الله تعالى لما أنعم على قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم فأرسله إليهم وأنزل عليه كتابه ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان اختاروا الكفر على الإيمان، وغيروا نعمة الله عليهم. وقيل: يجوز أن يكون بدلوا شكر نعمة الله عليهم كفراً لأنهم لما وجب عليهم الشكر بسبب هذه النعمة أتوا بالكفر فكأنهم غيروا الشكر، وبدلوه بالكفر وأحلوا قومهم، يعني ومن تبعهم على دينهم وكفرهم دار البوار يعني دار الهلاك ثم فسرها بقوله { جهنم يصلونها وبئس القرار } يعني المستقر { وجعلوا لله أنداداً } يعني أمثالاً وأشباهاً من الأصنام، وليس لله تعالى ند ولا شبيه، ولا مثيل تعالى الله عن الند والتشبيه والمثيل علواً كبيراً { ليضلوا عن سبيله } يعني ليضلوا الناس عن طريق الهدى ودين الحق { قل تمتعوا } أي قل: يا محمد لهؤلاء الكفار تمتعوا في الدنيا أياماً قلائل { فإن مصيركم إلى النار } يعني في الآخرة. قوله تعالى { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } يعني يقيموا الصلاة الواجبة، وإقامتها إتمام أركانها { وينفقوا مما رزقناهم } قيل أراد بهذا الإنفاق إخراج الزكاة الواجبة، وقيل: أراد به جميع الإنفاق في جميع وجوه الخير والبر وحمله على العموم أولى ليدخل فيه إخراج الزكاة، والإنفاق في جميع وجوه البر { سراً وعلانية } يعني ينفقون أموالهم في حال السر وحال العلانية، وقيل: أراد بالسر صدقة التطوع وبالعلانية إخراج الزكاة الواجبة { من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه } قال أبو عبيدة: البيع هنا الفداء يعني لا فداء في ذلك اليوم { ولا خلال } يعني ولا خلة، وهي المودة والصداقة التي تكون مخاللة بين اثنين. وقال مقاتل: إنما هو يوم لا بيع فيه ولاشراء مخاللة ولا قرابة، إنما هي الأعمال إما أن يثاب بها أو يُعاقَب عليها. فإن قلت كيف نفى الخلة في هذه الآية، وفي الآية التي في سورة البقرة وأثبتها في قوله { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } [الزخرف: 67] قلت: الآية الدالة على نفي الخلة محمولة على نفي الخلة الحاصلة، بسبب ميل الطبيعة، ورعونة النفس، والآية الدالة على حصول الخلة وثباتها محمولة على الخلة الحاصلة بسبب محبة الله ألا تراه أثبتها للمتقين فقط، ونفاها عن غيرهم. وقيل: إن ليوم القيامة أحوالاً مختلفة، ففي بعضها يشتغل كل خليله عن خليله وفي بعضها يتعاطف الأخلاء بعضهم على بعض. إذا كانت تلك المخالة لله في محبته.