التفاسير

< >
عرض

كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
٢٩
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
٣٠
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ
٣١
فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ
٣٢

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ كتاب أنزلناه إليك } أي هذا كتاب يعني القرآن أنزلناه إليك { مبارك } أي كثير خيره ونفعه { ليدبروا آياته } أي ليتدبروا ويتفكروا في أسراره العجيبة ومعانيه اللطيفة وقيل تدبر آياته اتباعه في أوامره ونواهيه { وليتذكر } أي وليتعظ { أولوا الألباب } أي ذوو العقول والبصائر.
قوله تعالى: { ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } قيل إن سليمان عليه الصلاة والسلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ما أصاب وهو ألف فرس وقيل ورثها من أبيه وقيل إنها كانت خيلاً من البحر لها أجنحة فصلى سليمان عليه الصلاة والسلام الصلاة الأولى التي هي الظهر وقعد على كرسيه وهي تعرض عليه فعرض عليه منها تسعمائة فرس فتنبه لصلاة العصر فإذا الشمس قد غربت وفاتت الصلاة ولم يعلم بذلك هيبة له فاغتمَّ لذلك وقال ردّوها عليّ فأقبل يضرب سوقها وأعناقها بالسيف تقرباً إلى الله تعالى وطلباً لمرضاته حيث اشتغل بها عن طاعته وكان ذلك مباحاً له وإن كن حراماً علينا وبقي منها مائة فرس فالذي في أيدي الناس من الخيل يقال إنه من نسل تلك المائة فلما عقرها الله تعالى أبدله الله تعالى خيراً منها وأسرع وهي الريح تجري بأمره كيف شاء، وقوله تعالى: { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } قيل هي الخيل القائمة على ثلاث قوائم مقيمة الرابعة على طرف الحافر من رجل أو يد وقيل الصافن القائم وجاء في الحديث
"من سرَّه أن يقوم له الناس صفوفاً فليتبوأ مقعده من النار" أي قياماً الجياد: أي الخيار السراع في الجري واحده جواد قال ابن عباس يريد الخيل السوابق { فقال إني أحببت حب الخير } أي آثرت حب الخير وأراد بالخير الخيل سميت به لأنه معقود في نواصيها الخير الأجر والغنيمة وقيل حب الخير يعني المال ومنه الخيل التي عرضت عليه { عن ذكر ربي } يعني صلاة العصر { حتى توارت } أي استترت الشمس { بالحجاب } أي ما يحجبها من الأبصار يقال إن الحجاب جبل دون قاف بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه.