{أو يوبقهن} أي يغرقهن ويهلكهن {بما كسبوا} أي بما كسبت ركابها من الذنوب {ويعف عن كثير} أي من ذنوبهم فلا يعاقب عليها {ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص} يعني يعلم الذين يكذبون بالقرآن إذا صاروا إلى الله تعالى ما لهم من مهرب من عذابه {فما أوتيتم من شيء} أي من زينة الدنيا {فمتاع الحياة الدنيا} أي ليس هو من زاد المعاد {وما عند الله} أي من الثواب {خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} والمعنى أن المؤمن والكافر يستويان في متاع الحياة الدنيا فإذا صارا إلى الله تعالى كان ما عند الله من الثواب خيراً وأبقى للمؤمن {والذين يجتنبون كبائر الإثم} يعني كل ذنب تعظم عقوبته كالقتل والزنا والسرقة وشبه ذلك {والفواحش} يعني ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} يعني يكظمون الغيظ ويجهلون {والذين استجابوا لربهم} يعني أجابوا إلى ما دعاهم إليه من طاعته {وأقاموا الصلاة} يعني المفروضة {وأمرهم شورى بينهم} يعني يتشاورون فيما يبدو لهم ولا يعجلون ولا ينفردون برأي ما لم يجتمعوا عليه قيل.
ما تشاور قوم إلا هدوا إلى أرشد أمرهم {ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغي} يعني الظلم والعدوان {هم ينتصرون} يعني ينتقمون من ظالمهم من غير تعد قال ابن زيد جعل الله تعالى المؤمنين صنفين صنف يعفون عمن ظلمهم فبدأ بذكرهم وهو قوله تعالى: {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} وصنف ينتصرون من ظالمهم وهم الذين ذكروا في هذه الآية، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فإذا قدروا عفوا. وقيل: إن العفو إغراء للسفيه وقال عطاء: هم المؤمنون الذين أخرجهم الكفار من مكة وبغوا عليهم ثم مكنهم الله عز وجل في الأرض حتى انتصروا ممن ظلمهم ثم بين الله تعالى أن شرعة الانتصار مشروطة برعاية المماثلة