{ وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون } ورد في الحديث "أنه لا ينزع أحد في الجنة من ثمرها ثمرة إلا نبت مكانها مثلاها" قوله تعالى: { إن المجرمين } يعني المشركين { في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم } أي لا يخفف عنهم { وهم فيه مبلسون } أي آيسون من رحمة الله تعالى: { وما ظلمناهم } أي وما عذبناهم بغير ذنب { ولكن كانوا هم الظالمين } أي لأنفسهم بما جنوا عليها { ونادوا يا مالك } يعني يدعون مالكاً خازن النار يستغيثون به فيقولون { ليقض علينا ربك } أي ليمتنا بل لنستريح والمعنى توسلوا به ليسأل الله تعالى لهم الموت فيجيبهم بعد ألف سنة قاله ابن عباس، وقيل بعد مائة سنة، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال "إن أهل النار يدعون مالكاً فلا يجيبهم أربعين عاماً ثم يرد عليهم" { قال إنكم ماكثون } قال هانت والله دعوتهم على مالك وعلى رب مالك ومعنى ماكثون مقيمون في العذاب { لقد جئناكم بالحق } يقول أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا بالحق { ولكن أكثركم للحق كارهون أم أبرموا أمراً } أي أحكموا أمراً في المكر بالرسول صلى الله عليه وسلم { فإنا مبرمون } أي محكمون أمراً في مجازاتهم إن كاد شراً كدتهم بمثله { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم } أي ما يسرونه من غيرهم ويتناجون به بينهم { بلى } نسمع ذلك كله ونعلمه { ورسلنا } يعني الحفظة من الملائكة { لديهم يكتبون } قوله عز وجل: { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } معناه إن كان للرحمن ولد في قولكم وعلى زعمكم فأنا أول من عبد الرحمن فإنه لا شريك له ولا ولد له، وقال ابن عباس: إن كان أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين الشاهدين له بذلك. وقيل: معناه لو كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده بذلك ولكن لا ولد له، وقيل: العابدين بمعنى الآنفين أي أنا أول الجاحدين المنكرين لما قلتم وأنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد. وقال الزمخشري في معنى الآية: إن كان للرحمن ولد وصح وثبت ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها فأنا أول من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه مع الترجمة عن نفسه بثبات القدم في باب التوحيد وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد وهي محال في نفسها فكان المعلق عليها محالاً مثلها ثم نزه نفسه عن الولد