التفاسير

< >
عرض

أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ
٥٧
لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ
٥٨
أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ
٥٩
وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ
٦٠
وَأَنتُمْ سَامِدُونَ
٦١
فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ
٦٢
-النجم

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ أزفت الآزفة } أي قربت القيامة واقتربت الساعة { ليس لها من دون الله كاشفة } أي مظهرة ومبينة متى تقوم. وقيل: معناه ليس لها نفس قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله غير أنه لا يكشفها. وقيل: الكاشفة مصدر بمعنى الكشف كالعافية. والمعنى: لا يكشف عنها ولا يظهرها غيره. وقيل: معناه ليس لها رد يعني: إذا غشيت الخلق أهوالها وشدائدها لم يكشفها ولم يردها عنهم أحد.
قوله تعالى: { أفمن هذا الحديث } يعني القرآن { تعجبون } تنكرون { وتضحكون } أي استهزاء { ولا تبكون } أي مما فيه من الوعيد { وأنتم سامدون } أي لاهون غافلون قاله ابن عباس. وعنه، أن السمود هو الغناء بلغة أهل اليمن وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا. ولعبوا وأصل السمود في اللغة، رفع الرأس، مأخوذ، من سمد البعير إذا رفع رأسه وجد في سيره والسامد اللاهي والمعنى. وقيل: معناه أشرون بطرون. وقال مجاهد: غضاب مبرطمون قيل له: وما البرطمة؟ قال: الإعراض { فاسجدوا لله } يعني أيها المؤمنون شكراً على الهداية. وقيل: هذا محمول على سجود التلاوة. وقيل: على سجود الفرض في الصلاة { واعبدوا } أي اعبدوا الله وإنما قال: واعبدوا، إما لكونه معلوماً، وإما لأن العبادة في الحقيقة لا تكون إلا لله تعالى (ق) عن عبد الله بن مسعود:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير أن شيخاً من قريش أخذ كفاً من حصباء أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا قال عبد الله فلقد رأيته بعد قتل كافر" زاد البخاري في رواية له قال: "أول سورة نزلت فيها سجدة النجم وذكره" وقال في آخره وهو "أمية بن خلف" (خ).
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس (ق)
"عن زيد بن ثابت قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد فيها" ففي هذا الحديث دليل على أن سجود التلاوة غير واجب وهو قول الشافعي وأحمد وقال عمر بن الخطاب: إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء وذهب قوم إلى وجوبها على القارىء والمستمع وهو قول سفيان وأصحاب الرأي والله سبحانه وتعالى أعلم.