التفاسير

< >
عرض

مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
-القمر

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ مهطعين } مسرعين مادي أعناقهم مقبلين { إلى الداع } يعني إلى صوت الداعي وهو إسرافيل وقيل ناظرين إليه لا يقلعون بأبصارهم { يقول الكافرون هذا يوم عسر } أي صعب شديد وفيه إشارة إلى أن ذلك اليوم يوم شديد على الكافرين لا على المؤمنين.
قوله تعالى: { كذبت قبلهم } أي قبل أهل مكة { قوم نوح فكذبوا عبدنا } يعني نوحاً { وقالوا مجنون وازدجر } أي زجروه على دعوته ومقالته بالشم والوعيد بقولهم
{ لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين } [الشعراء: 116] { فدعا } يعني نوحاً { ربه } وقال { إني مغلوب } أي مقهور { فانتصر } أي فانتقم لي منهم { ففتحنا أبواب السماء } قيل هو على ظاهره وللسماء أبواب تفتح وتغلق ولا يستبعد ذلك لأنه قد صح في الحديث أن للسماء أبواباً. وقيل: هو على الاستعارة، فإن الظاهر أن يكون المطر من السحاب { بماء منهمر } أي منصب انصباباً شديداً لم ينقطع أربعين يوماً { وفجرنا الأرض عيوناً } أي وجعلنا الأرض كلها عيوناً تسيل بالماء { فالتقى الماء } يعني ماء السماء وماء الأرض { على أمر قد قدر } أي قضى عليهم في أم الكتاب.
وقيل قدر الله أن يكون الماءان سواء فكانا على ما قدر { وحملناه } يعني نوحاً { على ذات ألواح } يعني سفينة ذات ألواح. وأراد بالألواح، خشب السفينة العريضة. { ودسر } هي المسامير التي تشد بها الألواح وقيل الدسر صدر السفينة. وقيل: هي عوارض السفينة وأضلاعها.
وقيل: الألواح: جانبا السفينة، والدسر: أصلها وطرفاها. { تجري } يعني السفينة { بأعيننا } يعني بمرأى منا. وقيل: بحفظنا. وقيل: بأمرنا { جزاء لمن كان كفر } يعني فعلنا ذلك به وبهم من إنجاء نوح وإغراق قومه ثواباً لنوح لأنه كان كفر به وجحد أمره. وقيل لمن بمعنى لما أي جزاء لما كان كفر من أيادي الله ونعمه عند الذين أغرقهم. وقيل: جزاء لما صنع بنوح وأصحابه.