التفاسير

< >
عرض

جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٤
لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً
٢٥
إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً
٢٦
وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ
٢٧
فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ
٢٨
وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ
٢٩
وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ
٣٠
وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ
٣١
-الواقعة

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ جزاء بما كانوا يعملون } أي فعلنا ذلك بهم جزاء بما كانوا يعملون في الدنيا بطاعتنا { لا يسمعون فيها } أي في الجنة، { لغواً } قيل اللغو ما يرغب عنه من الكلام ويستحق أن يلغى وقيل هو القبيح من القول والمعنى ليس فيها لغو فيسمع { ولا تأثيماً } قيل معناه أن بعضهم لا يقول لبعض أثمت لأنهم لا يتكلمون بما فيه إثم كما يتكلم به أهل الدنيا وقيل معناه لا يأتون تأثيماً أي ما هو سبب التأثيم من قول أو فعل قبيح { إلا قيلاً } معناه لكن يقولون قيلاً أو يسمعون قيلاً { سلاماً سلاماً } يعني يسلم بعضهم على بعض وقيل تسلم الملائكة عليهم أو يرسل الرب بالسلام إليهم وقيل معناه أن قولهم يسلم في اللغو.
ثم ذكر أصحاب اليمين وعجب من شأنهم فقال تعالى: { وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين } لما بين حال السابقين شرع في بيان حال أصحاب اليمين فقال تعالى: { في سدر مخضود } أي لا شوك فيه كأنه خضد شوكه أي قطع ونزع منه وهذا قول ابن عباس وقيل هو الموقر حملاً قيل ثمرها أعظم من القلال وهو النبق قيل لما نظر المسلمون إلى وج وهو واد مخصب بالطائف فأعجبهم سدره فقالوا ليت لنا مثل هذا فأنزل الله هذه الآية { وطلح } قيل هو الموز عند أكثر المفسرين وقيل هو شجر له ظل بارد طيب وقيل هو شجر أم غيلان له شوك ونور طيب الرائحة فخوطبوا ووعدوا بمثل ما يحبون ويعرفون إلا أن فضله على شجر الدنيا كفضل الجنة على الدنيا { منضود } أي متراكم قد نضد بالحمل من أوله إلى آخره ليست له سوق بارزة بل من عروقه إلى أغصانه ثمر وليس شيء من ثمر الجنة في غلاف كثمر الدنيا مثل الباقلاء والجوز ونحوهما بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور إليه، { وظل ممدود } أي دائم لا تنسخه كظل أهل الدنيا وذلك لأن الجنة ظل كلها لا شمس فيها. (ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة واقرؤوا إن شئتم وظل ممدود" وعن ابن عباس في قوله وظل ممدود قال شجرة في الجنة على ساق يخرج إليها أهل الجنة فيتحدثون في أصلها فيشتهي بعضهم لهو الدنيا فيرسل الله عز وجل ريحاً من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا { وماء مسكوب } أي مصبوب يجري دائماً في غير أخدود ولا ينقطع.