التفاسير

< >
عرض

عُرُباً أَتْرَاباً
٣٧
لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ
٣٨
ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ
٣٩
وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ
٤٠
-الواقعة

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ عرباً } جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها قاله ابن عباس في رواية عنه وعنه أنها الملقة وقيل الغنجة وعن أسامة بن زيد عن أبيه عرباً قال حسان الكلام { أتراباً } يعني أمثالاً في الخلق وقيل مستويات في السن على سن واحد بنات ثلاث وثلاثين، عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يدخل أهل الجنة الجنة جرداً مرداً مكحلين أبناء ثلاثين أو قال ثلاث وثلاثين سنة" أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب { لأصحاب اليمين } يعني أنشأهن لأصحاب اليمين وقيل هذا الذي ذكرنا لأصحاب اليمين { ثلة من الأولين } يعني من المؤمنين الذين هم قبل هذه الأمة { وثلة من الآخرين } يعني من مؤمني هذه الأمة يدل عليه ما روى البغوي بإسناد الثعلبي عن عروة بن رويم قال "لما أنزل الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين بكى عمر فقال يا نبي الله آمنا برسول الله وصدقناه ومن ينجو منا قليل فأنزل الله عز وجل وثلة من الأولين وثلة من الآخرين فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فقال قد أنزل الله تعالى فيما قلت فقال رضينا عن ربنا وتصديق نبينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آدم إلينا ثلة ومنا إلى يوم القيامة ثلة ولا يستتمها الأسودان من رعاة الإبل ممن قال لا إله إلا الله" ، (ق) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عرضت عليّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد إذ رفع إلى سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض القوم في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب قال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الذي تخوضون فيه فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم فقام رجل آخر فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة" الرهيط تصغير رهط وهم دون العشرة وقيل إلى الأربعين. (ق) "عن عبد الله بن مسعود قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة نحواً من أربعين فقال أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قلنا نعم قال أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قلنا نعم قال والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة مسلمة وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر" وعن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم" أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وذهب جماعة إلى أن الثلثين جميعاً من هذه الأمة وهو قول أبي العالية ومجاهد وعطاء بن أبي رباح والضحاك قالوا ثلة من الأولين من سابقي هذه الأمة وثلة من الآخرين من هذه الأمة أيضاً في آخر الزمان يدل على ذلك ما روى البغوي بإسناد الثعلبي "عن ابن عباس في هذه الآية ثلة من الأولين وثلة من الآخرين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هما جميعاً من أمتي" وهذا القول هو اختيار الزجاج قال معناه جماعة ممن تبع النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به وعاينه وجماعة ممن آمن به وكان بعده ولم يعاينه.
فإن قلت كيف قال في الآية الأولى وقليل من الآخرين وقال في هذه الآية وثلة من الآخرين؟.
قلت: الآية الأولى في السابقين الأولين وقليل ممن يلحق بهم من الآخرين وهذه الآية في أصحاب اليمين وهم كثيرون من الأولين والآخرين وحكي عن بعضهم أن هذه ناسخة للأولى واستدل بحديث عروة بن رويم ونحوه والقول بالنسخ لا يصح لأن الكلام في الآيتين خبر والخبر لا يدخله النسخ.