التفاسير

< >
عرض

إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ
١
لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ
٢
خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ
٣
إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً
٤
وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً
٥
فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً
٦
وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً
٧
فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ
٨
-الواقعة

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عز وجل: { إذا وقعت الواقعة } يعني إذا قامت القيامة وقيل إذا نزلت صيحة القيامة وهي النفخة الأخيرة وقيل الواقعة اسم للقيامة كالآزفة، { ليس لوقعتها } يعني لمجيئها { كاذبة } يعني ليس لها كذب والمعنى أنها تقع حقاً وصدقاً وقيل معناه ليس لوقعتها قصة كاذبة أي كل ما أخبر الله عنها وقص من خبرها قصة صادقة غير كاذبة وقيل معناه ليس لوقعتها نفس كاذبة أي إن كل من يخبر عن وقوعها صادق غير كاذب لم تكذب نفس أخبرت عن وقوعها، { خافضة رافعة } أي تخفض أقواماً إلى النار وترفع أقواماً إلى الجنة وقال ابن عباس تخفض أقواماً كانوا في الدنيا مرتفعين وترفع أقواماً كانوا في الدنيا مستضعفين وقيل تخفض أقواماً بالمعصية وترفع أقواماً بالطاعة، { إذا رجت الأرض رجاً } أي إذا حركت وزلزلت زلزالاً وذلك أن الله عز وجل إذا أوحى إليها اضطربت فرقاً وخوفاً قال المفسرون ترج كما يرج الصبي في المهد حتى ينهدم كل بناء عليها وينكسر كل ما فيها من جبال وغيرها وهو قوله تعالى: { وبست الجبال بسا } أي فتتت حتى صارت كالدقيق المبسوس وهو المبلول وقيل صارت كثيباً مهبلاً بعد أن كانت شامخة وقيل معناه قلعت من أصلها وسيرت على وجه الأرض حتى ذهب بها { فكانت هباء منبثاً } أي غباراً متفرقاً كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل الكوة وهو الهباء، { وكنتم أزواجاً } أي أصنافاً { ثلاثة } ثم فسر الأزواج فقال تعالى: { فأصحاب الميمنة } يعني أصحاب اليمين.
والميمنة ناحية اليمين وهم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة وقال ابن عباس هم الذين كانوا على يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه وقال الله تعالى:
"هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي" وقيل هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم وقيل هم الذين كانوا ميامين أي مباركين على أنفسهم وكانت أعمالهم صالحة في طاعة الله وهم التابعون بإحسان { ما أصحاب الميمنة } تعجيب من حالهم في السعادة. والمعنى أي شيء هم.