التفاسير

< >
عرض

يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٦
آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ
٧
وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٨
هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ
٩
وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١٠
-الحديد

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور } تقدم تفسيره.
قوله تعالى: { آمنوا بالله ورسوله } لما ذكر أنواعاً من الدلائل الدالة على التوحيد والعلم والقدرة شرع يخاطب كفار قريش ويأمرهم بالإيمان بالله ورسوله ويأمرهم بترك الدنيا والإعراض عنها والنفقة في جميع وجوه البر وهو قوله تعالى: { وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } يعني المال الذي كان بيد غيركم فأهلكهم وأعطاكم إياه فكنتم في ذلك المال خلفاء عمن مضى { فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم } يعني وأي عذر لكم في ترك الإيمان بالله والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبرهان والحجج، { وقد أخذ ميثاقكم } أي أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام بأن الله ربكم لا إله لكم سواه وقيل أخذ ميثاقكم حيث ركب فيكم العقول ونصب لكم الأدلة والبراهين والحجج التي تدعو إلى متابعة الرسول، { إن كنتم مؤمنين } أي يوماً ما فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والإعلام ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله تعالى: { هو الذي ينزل على عبده } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم { آيات بينات } يعني القرآن { ليخرجكم } يعني الله بالقرآن وقيل الرسول بالدعوة { من الظلمات إلى النور } أي من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان { وإن الله بكم لرؤوف رحيم } قوله تعالى: { وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض } يقول أي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقربكم من الله تعالى وأنتم ميتون تاركون أموالكم لغيركم فالأولى أن تنفقوها أنتم فيما يقربكم إلى الله تعالى وتستحقون به الثواب ثم بين فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله وبالجهاد فقال تعالى: { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } يعني فتح مكة في قول أكثر المفسرين وقيل هو صلح الحديبية، والمعنى لا يستوي في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة مع من أنفق ماله وقاتل بعد الفتح { أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا } قال الكلبي إن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأنه أول من أسلم وأول من أنفق ماله في سبيل الله وذهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عبد الله بن مسعود أول من أظهر إسلامه سبع منهم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وروى البغوي بإسناد الثعلبي
"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل جبريل فقال ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فإن الله عز وجل يقول اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن الله يقرئك السلام ويقول لك أراض أنت في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكر أأسخط على ربي إني على ربي راض إني على ربي راض" { وكلاًّ وعد الله الحسنى } يعني الجنة قال عطاء درجات الجنة تتفاضل فالذين أنفقوا قبل الفتح في أفضلها، { والله بما تعملون خبير }.