التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٤
مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٥
قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦
وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٧
قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
-الجمعة

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } يعني الإسلام وقيل النبوة خص بها محمداً صلى الله عليه وسلم { والله ذو الفضل العظيم } أي على خلقه حيث أرسل فيهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: { مثل الذين حملوا التوراة } يعني اليهود حيث كلفوا القيامة بها والعمل بما فيها وليس هو من الحمل على الظهر وإنما هو من الحمالة والحميل والكفيل { ثم لم يحملوها } أي لم يعملوا بما فيها ولم يؤدوا حقها، { كمثل الحمار يحمل أسفاراً } جمع سفر الكتب العظام من العلم سمى سفراً لأنه سفر عما فيه من المعنى وهذا مثل ضربه الله تعالى لليهود الذين أعرضوا عن العمل بالتوراة والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم شبهوا إذا لم ينتفعوا بما في التوراة الدال على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بالحمار الذي يحمل الكتب ولا يدري ما فيها ولا ينتفع بها كذلك اليهود الذين يقرؤون التوراة ولا ينتفعوا بها لأنهم خالفوا ما فيها وهذا المثل يلحق من لم يفهم معاني القرآن ولم يعمل بما فيه وأعرض عنه إعراض من لا يحتاج إليه ولهذا قال ميمون بن مهران يا أهل القرآن اتبعوا القرآن قبل أن يتبعكم ثم تلا هذه الآية ثم ذم هذا المثل والمراد منهم ذمهم فقال تعالى: { بئس مثل القوم } يعني بئس مثلاً مثل القوم { الذين كذبوا بآيات الله } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وما أتي من آيات القرآن وقيل المراد من الآيات آيات التوراة لأنهم كذبوا بها حين تركوا الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم { والله لا يهدي القوم الظالمين } أي لا يهدي من سبق في علمه أن يكون ظالماً وقيل يعني الذين ظلموا أنفسهم بتكذيب آيات الله وأنبيائه { قل } أي قل يا محمد { يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس } أي من دون محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { فتمنوا الموت } ادعوا على أنفسكم بالموت { إن كنتم صادقين } يعني فيما زعمتم أنكم أبناء الله وأحياؤه فإن الموت هو الذي يوصلكم إليه لأن الآخرة خير لأولياء الله من الدنيا { ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم } أي بسبب ما قدموا من الكفر والتكذيب { والله عليم بالظالمين قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم } أي لا ينفعكم الفرار منه { ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون } فيه وعيد وتهديد.