التفاسير

< >
عرض

سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ
١٦
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ
١٧
وَلاَ يَسْتَثْنُونَ
١٨
فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ
١٩
فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ
٢٠
-القلم

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ سنسمه على الخرطوم } أي على الأنف والمعنى نسود وجهه فنجعل له علماً يعرف به في الآخرة وهو سواد الوجه فعبر بالأنف عن الوجه وقال ابن عباس سنسمه بالسيف وفعل به ذلك يوم بدر، وقيل معناه سنلحق به شيئاً لا يفارقه أي سنسمه ميسم سوء يريد نلحق به عاراً لا يفارقه كما أن السمة لا تمحى ولا يعفى أثرها.
وقد ألحق الله به بما ذكر من عيوبه عاراً لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة كالوسم على الخرطوم الذي لا يخفى قط وقيل معناه سنكويه على وجهه.
وقوله تعالى: { إنا بلوناهم } أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع { كما بلونا أصحاب الجنة } روي عن ابن عباس في قوله تعالى: { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة } قال بستان باليمن يقال له الضروان دون صنعاء بفرسخين يطؤه أهل الطريق وكان غرسه قوم من أهل الصلاة وكان لرجل فمات فورثه ثلاث بنين له وكان يترك للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل إذا طرح من فوق النخل إلى البساط وكل شيء يخرج من المنجل إلى البساط فهو أيضاً للمساكين وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين وإذا داسوه كان لهم كل شيء ينتثر أيضاً فلما مات الأب وورثه بنوه هؤلاء الإخوة الثلاثة قالوا والله إن المال قليل وإن العيال كثير وإنما كان هذا الأمر يفعل لما كان المال كثيراً والعيال قليلاً فأما إذا قل المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل فتحالفوا بينهم يوماً أن يغدوا غدوة قبل خروج الناس فليصر من نخلهم فذلك قوله تعالى: { إذ أقسموا } أي تحالفوا { ليصرمنها } أي ليقطعن ثمرها { مصبحين } أي إذا أصبحوا قبل أن يخرج إليهم المساكين وقبل أن يعلم بها المساكين، { ولا يستثنون } أي ولم يقولوا إن شاء الله وقيل لا يستثنون شيئاً للمساكين من ثمر جنتهم { فطاف عليها طائف من ربك } أي عذاب من ربك ولا يكون الطائف إلا بالليل وهو قوله تعالى: { وهم نائمون } وكان ذلك الطائف ناراً أنزلت من السماء فأحرقتها وهو قوله تعالى: { فأصبحت } أي الجنة { كالصريم } أي كالليل الأسود المظلم وقيل تصرم منها الخير فليس فيها شيء ينتفع به وقال ابن عباس كالرماد الأسود وهو بلغة خزيمة.