التفاسير

< >
عرض

إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ
٣٠
فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ
٣١
وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٣٢
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ
٣٣
أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٤
ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٥
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى
٣٦
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ
٣٧
ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ
٣٨
فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ
٣٩
أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ
٤٠
-القيامة

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ إلى ربك يومئذ المساق } أي مرجع العباد إلى الله تعالى يساقون إليه يوم القيامة ليفصل بينهم.
قوله تعالى: { فلا صدق ولا صلى } يعني أبا جهل لم يصدق بالقرآن، ولم يصلِّ لله تعالى: { ولكن كذب وتولى } أي أعرض عن الإيمان والتصديق { ثم ذهب إلى أهله يتمطى } أي يتبختر ويختال في مشيته، وقيل أصله يتمطط أي يتمدد من المط، وقيل من المطا وهو الظهر لأنه يلويه. { أولى لك فأولى } هذا وعيد على وعيد من الله تعالى لأبي جهل. وهي كلمة موضوعة للتهديد والوعيد ومعناه، ويل لك مرة بعد مرة وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكرهه، وقيل معناه أنك أجدر بهذا العذاب. وأحق وأولى به. يقال ذلك لمن يصيبه مكروه يستوجبه قال قتادة: ذكر لنا
"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية أخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى" فقال أبو جهل أتوعدوني يا محمد والله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئاً وإني لأعز من مشى بين جبليها فلما كان يوم بدر صرعه وقتله أشد قتلة. وكان نبي الله يقول صلى الله عليه وسلم "إن لكل أمة فرعوناً وإن فرعون هذه الأمة أبو جهل" { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } أي هملاً لا يؤمر ولا ينهى ولا يكلف في الدنيا ولا يحاسب في الآخرة { ألم يك نطفة } أي ماء قليلاً { من مني يمنى } أي يصيب في الرحم، والمعنى كيف يليق بمن خلق من شيء قذر مستقذر أن يتكبر ويتمرد عن الطاعة. { ثم كان علقة } أي صار الإنسان علقة بعد النطفة { فخلق فسوى } أي فقدر خلقه وسواه وعدله وقيل نفخ فيه الروح وكمل أعضاءه { فجعل منه } أي من الإنسان { الزوجين } أي الصنفين ثم فسرهما فقال { الذكر والأنثى } أي خلق من مائة أولاداً ذكوراً وإناثاً { أليس ذلك } أي الذي فعل وأنشأ الأشياء أول مرة { بقادر على أن يحيي الموتى } أي بقادر على إعادته بعد الموت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قرأ منكم { والتين والزيتون }، فانتهى إلى آخرها { أليس الله بأحكم الحاكمين } فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين. ومن قرأ { لا أقسم بيوم القيامة } فانتهى إلى { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى }، فليقل بلى ومن قرأ { والمرسلات فبلغ، فبأي حديث بعده يؤمنون } فليقل آمنا بالله" أخرجه أبو داود وله عن موسى بن أبي عائشة قال "كان رجل يصلي فوق بيته، فكان إذا قرأ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال سبحانك بلى فسألوه عن ذلك فقال سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" والله سبحانه وتعالى أعلم.